كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى (اسم الجزء: 2)

وَجعلُوا لَهُ زَوْجَة أَو بِنْتا اسْمهَا شافية اشتقاقا من لفظ الشِّفَاء الْحَاصِل بِتِلْكَ الْعين كُله بَاطِل وَإِنَّمَا حرارة الْعين لخاصية أودعها الله فِي أَصْلهَا ومنبعها وَكَذَا الشِّفَاء الْحَاصِل بهَا إِنَّمَا هُوَ بخاصية فِي ذَلِك المَاء ولعلها مَا فِيهِ من الكريتية فَإنَّا نرى أَصْحَاب الجرب يتلطخون بالكبريت المعالج فيشفون وَكم من عين على وَجه الأَرْض فِي الْمشرق وَالْمغْرب وبلاد الْمُسلمين وَالْكفَّار على هَذِه الْحَالة كَمَا أخبر بذلك غير وَاحِد
وَقَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح الْحمة الْعين الحارة يستشفي بهَا الأعلاء والمرضى وَفِي الحَدِيث الْعَالم كالحمة اه وَمثله فِي الْقَامُوس بل ذكر فِيهِ مَدِينَة تفليس وَهِي قَصَبَة كرجستان عَلَيْهَا سوران قَالَ وحمامتها تنبع مَاء حارا بِغَيْر نَار
وَقد ذكر ابْن أبي زرع فِي القرطاس حمة أبي يَعْقُوب هَذِه وَذكر مَعهَا حمتين أُخْرَيَيْنِ فَقَالَ وبالقرب أَيْضا من مَدِينَة فاس على ميسرَة أَرْبَعَة أَمْيَال مِنْهَا حمة عَظِيمَة تعرف بحمة خولان مَاؤُهَا فِي أَشد مَا يكون من السخونة وبالقرب أَيْضا مِنْهَا حمة وشنانة وحمة أبي يَعْقُوب وَهِي من الحمات الْمَشْهُورَة بالمغرب اه كَلَامه فقد ذكر أَبَا يَعْقُوب بِلَفْظ الكنية فَهُوَ غير يَعْقُوب الْمَنْصُور قطعا وَلَعَلَّه أَبُو يَعْقُوب الْأَشْقَر الْآتِي ذكره فِي أَحْدَاث الْمِائَة السَّابِعَة
ولنرجع إِلَى الْكَلَام على وَفَاة الْمَنْصُور عِنْد عُلَمَاء الْمغرب فَنَقُول قَالَ ابْن الْخَطِيب فِي رقم الْحلَل توفّي يَعْقُوب الْمَنْصُور رَحْمَة الله فِي الثَّانِي وَالْعِشْرين من شهر ربيع الأول سنة خمس وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَدفن بِمَجْلِس سكناهُ من مراكش وَكذب الْعَامَّة بِمَوْتِهِ ولوعا وتمسكا بِهِ فَادعوا أَنه ساح فِي الأَرْض اه
وَقَالَ ابْن أبي زرع لما حضرت الْمَنْصُور الْوَفَاة قَالَ مَا نَدِمت على شَيْء فعلته فِي خلافتي إِلَّا على ثَلَاث وددت أَنِّي لم أَفعَلهَا الأولى إِدْخَال الْعَرَب من إفريقية إِلَى الْمغرب مَعَ إِنِّي أعلم أَنهم أهل فَسَاد وَالثَّانيَِة بِنَاء

الصفحة 205