كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى (اسم الجزء: 2)

وَفِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ بعْدهَا توفّي الإِمَام الْمَشْهُور أَبُو زيد عبد الرَّحْمَن بن الْخَطِيب أبي مُحَمَّد عبد الله بن أَحْمد السُّهيْلي الْخَثْعَمِي صَاحب كتاب الرَّوْض الْأنف وَغَيره من التآليف الحسان وَصَاحب الأبيات الْمَشْهُورَة فِي الدُّعَاء وَهِي
(يَا من يرى مَا فِي الضَّمِير وَيسمع ... أَنْت الْمعد لكل مَا يتَوَقَّع)
(يَا من يُرْجَى للشدائد كلهَا ... يَا من إِلَيْهِ المشتكى والمفزع)
(يَا من خَزَائِن رزقه فِي قَول كن ... أمنن فَإِن الْخَيْر عنْدك أجمع)
(مَا لي سوى فقري إِلَيْك وَسِيلَة ... فبالافتقار إِلَيْك فقري أدفَع)
(مَا لي سوى قرعي لبابك حِيلَة ... فلئن رددت فَأَي بَاب أَقرع)
(وَمن الَّذِي أَدْعُو وأهتف باسمه ... إِن كَانَ فضلك عَن فقيرك يمْنَع)
(حاشى لجودك أَن تقنط عَاصِيا ... الْفضل أجزل والمواهب أوسع)
كَانَ ببلدته سُهَيْل وَهِي قَرْيَة بِالْقربِ من مالقة يتسوغ بالعفاف ويتبلغ بالكفاف حَتَّى نمى خَبره إِلَى السُّلْطَان بمراكش فَطَلَبه إِلَيْهِ وَأحسن إِلَيْهِ وَأَقْبل بِوَجْهِهِ غَايَة الإقبال عَلَيْهِ فَأَقَامَ بهَا نَحْو ثَلَاث سِنِين ثمَّ توفّي بهَا يَوْم الْخَمِيس السَّادِس وَالْعِشْرين من شعْبَان من السّنة الْمَذْكُورَة وَدفن وَقت الظّهْر خَارج بَاب الرب أحد أَبْوَاب مراكش وَكَانَ رَحمَه الله ضريرا نفعنا الله تَعَالَى بِهِ
وَفِي سنة تسعين وَخَمْسمِائة توفّي ولي الله تَعَالَى أَبُو مُحَمَّد عبد الْحَلِيم بن عبد الله المراسي الْمَعْرُوف بالغماد من صلحاء سلا كَانَ رَحمَه الله عبدا صَالحا يَدُور على الْمكَاتب ويستوهب الدُّعَاء من الصّبيان ويبكي على نَفسه وَله كرامات وَتُوفِّي بِبَلَدِهِ الْمَذْكُور وقبره مَعْرُوف ملاصق لِلْمَسْجِدِ الْأَعْظَم قرب بَابه الْكَبِير من جِهَة الْقبْلَة
وَفِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخَمْسمِائة توفّي الشَّيْخ أَبُو يَعْقُوب يُوسُف بن عَليّ الْمُبْتَلى الْمَعْدُود فِي سَبْعَة رجال من صلحاء مراكش كَانَ رَضِي الله

الصفحة 211