كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى (اسم الجزء: 2)

الجنديين وَجرى بَين الأخبية وَجرى النَّاس خَلفه ليأخذوه فَظن أهل الْمحلة أَن بني مرين قد أَغَارُوا عَلَيْهِم فَرَكبُوا خيولهم وماج بَعضهم فِي بعض وانقلبوا منهزمين لَا يلوون على شَيْء
واتصل الْخَبَر بِأبي بكر بن عبد الْحق وَهُوَ بفاس فَخرج للْوَقْت واحتوى على جَمِيع مَا فِي محلّة الْمُوَحِّدين من الأخبية والأثاث وَالسِّلَاح وَالْمَال وَمر المرتضى على وَجهه فَدخل مراكش فِي جمع قَلِيل من الْأَشْيَاخ والإفرنج وَأقَام بهَا وَأعْرض عَن بني مرين وتسلى عَنْهُم سَائِر أَيَّامه وازدادت شَوْكَة الْمُوَحِّدين ضعفا
واستبد أَبُو الْقَاسِم العزفي بسبتة واستتب أمره بهَا وتوارث الرياسة بهَا عشيرته من بعده زَمَانا إِلَى أَن غلبهم عَلَيْهَا بَنو مرين
وَفِي سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة استولى أَبُو بكر بن عبد الْحق على سجلماسة وتقبض على واليها عبد الْحق بن أصكوا بمداخلة خديم لَهُ يعرف بِمُحَمد القطراني وَشرط على الْأَمِير أبي بكر أَن يكون هُوَ الْوَالِي عَلَيْهَا فَأمْضى لَهُ شَرطه وَأنزل مَعَه بهَا جمَاعَة من رجالات بني مرين حَتَّى إِذا هلك أَبُو بكر بن عبد الْحق أخرجهم مُحَمَّد القطراني واستبد بِأَمْر سجلماسة وراجع دَعْوَة المرتضى وَاعْتذر إِلَيْهِ وَاشْترط عَلَيْهِ الاستبداد فَأمْضى لَهُ شَرطه إِلَّا فِي أَحْكَام الشَّرِيعَة وَبعث أَبَا عمر بن حجاج قَاضِيا من الحضرة وَبَعض السَّادة للنَّظَر فِي الْقَضِيَّة وَقَائِدًا من النَّصَارَى بعسكر للحماية فأعمل القَاضِي ابْن حجاج الْحِيلَة فِي قتل القطراني وَتَوَلَّى الفتك بِهِ قَائِد النَّصَارَى واستبد السَّيِّد بِأَمْر سجلماسة بدعوة المرتضى
واستفحل أَمر بني مرين أثْنَاء ذَلِك وَنزل الْأَمِير يَعْقُوب بن عبد الْحق بسائط تامسنا فسرح إِلَيْهِم المرتضى عَسَاكِر الْمُوَحِّدين لنظر يحيى بن عبد الله بن وانودين فأجفلوا إِلَى وَادي أم الرّبيع واتبعهم الموحدون وألحوا عَلَيْهِم فعطف عَلَيْهِم بَنو مرين واقتتلوا بِبَطن الْوَادي فانهزمت عَسَاكِر الْمُوَحِّدين وغدر بهم بَنو جَابر وَكَانَ فِي مسيل الْوَادي كدى يحسر عَنْهَا

الصفحة 255