كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى (اسم الجزء: 2)

لذَلِك وَبَايَعُوهُ على الْمَوْت فانتخب مِنْهُم عشرَة آلَاف من أجناد الْمُوَحِّدين وَقدم عَلَيْهِم أَبَا مُحَمَّد البشير وَعقد لَهُ راية بَيْضَاء ودعا لَهُم وَانْصَرفُوا فصمدوا إِلَى مَدِينَة أغمات
وانْتهى الْخَبَر إِلَى أَمِير الْمُسلمين فَجهز لقتالهم جَيْشًا من الحشم والأجناد فَلَمَّا الْتَقَوْا انتصر عَلَيْهِم الموحدون وهزموهم واتبعوهم حَتَّى أدخلوهم مراكش وحاصروها أَيَّامًا ثمَّ أفرجوا عَنْهَا حِين تكاثرت عَلَيْهِم جيوش لمتونة وَكَانَ ذَلِك ثَالِث شعْبَان سنة سِتّ عشرَة وَخَمْسمِائة وَقسم الْمهْدي الْغَنَائِم الَّتِي غنموها من عَسْكَر المرابطين وتلا عَلَيْهِم قَوْله تَعَالَى {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة تأخذونها فَعجل لكم هَذِه} الْآيَة وانتشر ذكر الْمهْدي بِجَمِيعِ أقطار الْمغرب والأندلس وأركب جلّ جَيْشه من خيل المرابطين الَّتِي غنموها ثمَّ غزا مراكش بِنَفسِهِ فعبأ جَيْشه وَسَار حَتَّى نزل بجبل كيليز بِقرب الْمَدِينَة فَأَقَامَ محاصرا لَهَا ثَلَاث سِنِين يباكرها بِالْقِتَالِ ويراوحها من سنة سِتّ عشرَة إِلَى سنة تسع عشرَة
وَلما ضجر من مقَامه هُنَاكَ نَهَضَ إِلَى وَادي نَفِيس وَانْحَدَرَ مَعَ مسيله يَدْعُو النَّاس لطاعته وَيُقَاتل من أَبى مِنْهُم فانقاد لَهُ أهل السهل والجبل وبايعته كدميوة ثمَّ غزا بِلَاد ركراكة فَأَخذهُم بِالدُّعَاءِ إِلَى تَوْحِيد الله وَشَرَائِع دينه وَسَار فِي بِلَاد المصامدة يُقَاتل من أَبى ويسالم من أجَاب فَفتح بلادا كَثِيرَة وَدخل فِي دَعوته عَالم كثير من المصامدة وَرجع إِلَى تينملل فَأَقَامَ بهَا شَهْرَيْن ريثما استراح النَّاس ثمَّ غزا مَدِينَة أغمات وبلاد هزرجة فِي ثَلَاثِينَ ألفا من الْمُوَحِّدين فَاجْتمع على حربه أهل أغمات وهزرجة وَخلق كثير من الحشم ولمتونة وَغَيرهم فانتصر عَلَيْهِم الموحدون فهزموهم وَقتلُوا مِنْهُم خلقا كثيرا وَقسم الْمهْدي أنفالهم بَين الْمُوَحِّدين ثمَّ غزا أهل درن فَفتح قلاعه وحصونه وطاع لَهُ جَمِيع من فِيهِ من قبائل هرغة وهنتاتة وكنفسية وَغَيرهم
ثمَّ عَاد إِلَى تينملل فَأَقَامَ بهَا ريثما استراح النَّاس ثمَّ ندبهم إِلَى غَزْو

الصفحة 93