كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

أفضل منه عند وجودها، ولا ينفي ذلك أن يكون حالهم أفضل من حال غيرهم من جهة أخرى. ولم يرد فيهم نص أنهم لو لم يغنموا كان أجرهم بحاله من غير زيادة. ولا يلزم من كونهم مغفورًا لهم، وأنهم أفضل المجاهدين أن لا يكون وراءهم مرتبة أخرى. وأما الاعتراض بحل الغنائم فغير وارد، إذ لا يلزم من الحِل ثبوت وفاء الأجر لكل غازٍ. والمُباح في الأصل لا يستلزم الثّواب بنفسه، لكن ثبت أن أخذ الغنيمة واستيلاءها من الكفار يحصل الثواب، ومع ذلك، فمع صحة ثبوب الفضل في أخذ الغنيمة وصحة التمدح بأخذها، لا يلزم من ذلك أن كل غاز يحصُل له من أجر غَزَاته نظير من لم يغنم شيئًا البتة.
قال في الفتح: والذي مثّل بأهل بدر أراد التهويل، وإلا فالأمر على ما تقرر آخرًا، بأنه لا يلزم من كونهم مع أخذ الغنيمة أنقص أجرًا مما لو لم تحصل لهم الغنيمة، أن يكونوا في حال أخذهم الغنيمة مفضولين بالنسبة إلى من بَعْدهم، كمن شَهِد أُحُدًا لكونهم لم يغنموا شيئًا، بل أجر البَدْري في الأصل أضعاف أجر من بعده، مثال ذلك أن يقول: لو فُرض أن أجر البَدْريّ بغير غنيمة ست مئة، وأجر الأحديّ مثلا بغير غنيمة مئة، فإذا نسبنا ذلك باعتبار حديث عبد الله بن عَمرو، كان للبدري، لكونه أخذ الغنيمة مئتان وهي ثلث الست مئة، فيكون أكثر أجرًا من الأحدي. وإنما امتاز أهل بدر بذلك لكونها أول غزوة شهدها النبي - صلى الله عليه وسلم - في قتال الكفار، وكان مَبدأ اشتهار الإِسلام، وقوة أهله، فكان لمن شهدها مثل أجر من شهد المغازي التي بعدها جميعًا، فصارت لا يوازيها شيء في الفضل. هذا ما يتعلق بهذا الجواب.
وقد قيل في الجواب عن الإِشكال الوارد في حديث الباب أن "أو" بمعنى الواو وبه جزم ابن عبد البر والقُرطبي، ورجّحها التوربشتيّ، والتقدير: بأجر وغنيمة. وقد وقع كذلك في رواية لمسلم. ووقع عند النّسائي وأبي داود بالواو أيضًا. قال في الفتح: فإن كانت هذه الروايات محفوظة، تعين القول بأن "أو" في هذا الحديث بمعنى الواو، كما هو

الصفحة 203