كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

الزمان، لأن المتمنى حصول مرتبة بعد مرتبة إلى الانتهاء إلى الفردوْس الأعلى، فإن قيل: تمنيه عليه الصلاة والسلام أن يُقتل يقتضي تمني وقوع زيادة الكفر لغيره، وهو ممنوع للقواعد. أجيب بأنّ مراده عليه الصلاة والسلام حصول ثواب الشهادة، لا تمني المعصية للقاتل.
وفي الحديث الحضُّ على حُسن النية، وبيان شدة شفقته صلى الله تعالى عليه وسلم، ورأفته بهم واستحباب طلب القتل في سبيل الله، وجواز قول وَددتُ حصول كذا من الخير، وإن عَلِم أنه لا يحصل، وفيه تَرْك بعض المصالح لمصلحة راجحة أو أرجح، أو دفع مفسدة. وفيه جواز تمني ما يَمْتنع في العادة، والسعي في إزالة المكروه عن المسلمين.
وفيه أن الأعمال الصالحة لا تستلزم الثواب لأعيانها، وإنما تحصل بالنية الخالصة إجمالًا وتفصيلًا.

رجاله خمسة:
الأول: حَرَمي بن حَفْص بن عُمر العَتكيّ القَسْمليّ أبو علي البصريّ، قال أبو حاتم أدركته بمصر وهو مريض، ولم أكتب عنه. وذكره ابن حِبان في الثقات، وابن قانع. روى عن أبَان العَطّار وحمّاد بن سَلَمة وعبد الواحد بن زياد ووُهَيْب بن خالد وعُبيد بن مَهْران وعبد العزيز بن مُسلم وغيرهم.
وروى عنه البخاريّ، وروى له أبو داود والنّسائي بواسطة وعمرو بن عليّ الفَلّاس والذُّهليّ والدَّوْريّ وإسماعيل القاضي وسمويه وغيرهم. مات سنة ثلاث وعشرين ومئتين، وقيل سنة ست وعشرين. والعَتَكيّ في نسبه مر الكلام عليه في السادس من بدء الوحي، والقَسْمليّ فيه نسبة إلى قَسْملة، لقب مُعاوية بن عَمرو بن مالك بن فَهْم بن غَنم بن دَوْس الأزْديّ أخي جُذَيْمة الأبْرش، وهَناءَة ونَواء وفَراهيم بني مالك بن فهم بن دَوْس.
لقب قسملة لجماله. وقال ابن الأثير: القَسامِلَة بطن من الأزد نزلوا البصرة، فنُسبت إليهم المحلة. منهم أبو علي بن حِرْميّ بن حَفْص

الصفحة 206