كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

الحديث الثالث والثلاثون
40 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ -أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ- مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلاَةٍ صَلاَّهَا صَلاَةَ الْعَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا -كَمَا هُمْ- قِبَلَ الْبَيْتِ. وَكَانَتِ الْيَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيْتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ.
قوله: "أول ما قدم" منصوب على الظرفية، أي في أوّل زمن قدومه، وما مصدرية، لا خبر كان، كما توهمه بعضهم، فإن خبرها نزل، وقوله المدينة يعني طيبَة في هجرته من مكة، وقد مر في حديث هرقل في بدء الوحي الكلامُ على اشتقاقها. وقوله نزل على أجداده، أو قال أخواله من الأنصار، وفي كليهما مجاز، لأن الأنصار أقاربه من جهة الأمومة، لأن أم جده عبد المطلب سَلْمى بنت عَمرو منهم من بني عَديّ بن النَّجّار، وإنما نزل النبيُّ عليه الصلاة والسلام بالمدينة على إخوتهم بني مالك بن النجار، ففيه على هذا مجاز آخر. وقوله: "قِبَل بيت المقدس" بكسر القاف وفتح الموحدة، والمقْدس مصدر ميمي كالمَرْجع، أي حال كونه متوجهًا إليه. وقوله "ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر" وقع هنا وفي الصلاة وعند التِّرمذي بالشك. ورواه مسلم وأبو عُوانة في صحيحه والنّسائي ستة عشر "بغير شك". ورواه البَزَّار والطَّبراني سبعة عشر "بغير شك" والجمع

الصفحة 225