كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

عبد الله. قال ابن الصَّلاح: وكلاهما أي: عمرو وعبد الله ثقة فلم يَقْدح الخلاف فيهما في المتن.
وأما علة المتن القادحة فيه، فهي كحديث أنس المروي عنه في نفي البسملة، إذ ظنَّ راوٍ من رُواته حين سمع قول أنس، رضي الله عنه: صلّيت خلف النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يفتتحون بالحمد لله رب العالمين، نفي البَسْملة، فروى الحديث مُصرِّحًا بما ظنّه، فقال عقب ذلك: فلم يكونوا يفتتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم. وفي رواية: لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة، ولا في آخرها، فصار بذلك حديثًا مرفوعًا، والراوي له مخْطيء في ظنه، ومن ثَمّ قال الشافعيُّ وأصحابه: المعنى أنهم يبدأون بقراءة أُم القرآن قبل ما يقرأونه بعدها، أنهم يتركون البسملة. وقد روى الحديث عن أنس جماعة منهم حُميد وقَتادة. والمُعلِّل رواية حُميد ورفعها، وهم من الوليد ابن مسلم عن مالك عنه، فإن سائر الرواة عن مالك لم يذكروا فيها "خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -" فليس عندهم إلا الوقف. وأما رواية قتادة، فلم يتفق أصحابه عنه على ذكر النفي المذكور، بل أكثرهم لم يذكروه. وجماعة منهم ذكروه بلفظ، فلم يكونوا يَجْهرون ببسم الله الرحمن الرحيم. وجماعة منهم بلفظ، فلم يكونوا يفتتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم وجماعة بلفظ، فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم.
قال ابن حَجر: والجمع بين هذه الروايات ممكن بحمل نفي القراءة على نفي السماع، ونفي السماع على الجهر. ويدل على معلولية الحديث بخطأ النافي ما صرّح به الدّارقطني وغيره، من أن أنسًا، رضي الله عنه، لما سأله أبو مَسْلمة سعيد بن يزيد: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يستفتح بالحمد لله، أو ببسم الله الرحمن الرحيم؟ قال: لا أحفظ شيئًا فيه.
وقد مرّ أن العلة القادحة تكون خفيّة، وقد تكون أيضًا ظاهرة،

الصفحة 237