كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

كالتعليل بالإِرسال الظاهر للموصول، والوَقْف الظاهر أيضًا للمرفوع، إذا قَوِي الإِرسال أو الوقف بسبب كَوْن راويه أضْبط، وأكثر عددا. وقد يطلِقون التعليل أيضًا على كل قادح من فِسْق وغَفْلة ونوع جَرْح. وقد يطلقون اسم العلة أيضًا على غير قادح، كوصل ضابط ثقةٍ لما أرْسل، كحديث مالك في الموطأ أنه قال: بَلَغَنا أن أبا هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: للمملوك طعامه وكسْوَته، فقد وصله مالك في غير الموطأ بمحمد بن عَجْلان عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه، فقد صار الحديث بتبين الإِسناد صحيحًا يعتمد عليه.
وهذا الإِطلاق لأبي يعلى الخليليّ، فإنه قال في إرشاده: الحديث أقسام: معلول صحيح، وصحيح متفق عليه، وصحيح مُختلفٌ فيه.
ومثَّل للصحيح المعلول بحديث الموطأ هذا. وعند الخليليّ ومن وافقه كالحاكم كما يُطلق المعلول على الصحيح، يطلق عليه الشذوذ أيضًا.
فيُقال فيه: صحيح شاذٌّ. فالشذوذ عندهما قادح في الاحتجاج لا في التسمية. وسمّى التِّرمذيّ النَّسْخ علة، فإن أراد أنه علة في العمل بالمنسوخ، فذلك صحيح. وإن أراد أنه علة في صحته أو صحة نقله، فلا، لأن في كتب الصحيح أحاديث كثيرة صحيحة ومنسوخة، وقد صحح التِّرمذيّ نفسه منه جملة، فمراده الأول.
وقد أشار العراقيّ إلى المُعلّل بقوله:
وسَمِّ ما بعلّة مشمولُ ... مُعَلَّلًا ولا تقُل معلُولُ
وهي عبارةٌ عن أسباب طَرَتْ ... فيها غُموضٌ وخَفاء أُثِرتْ
تُدْرك بالخِلافُ والتفَرُّدِ ... مَعْ قرائنَ تُضمُّ يَهْتدي
جَهْبذُها إلى اطِّلاعه على ... تَصْويب إرسال لما قد وَصَلا
أوْ وَقْف ما يُرفع أو مَتْنٍ دخلْ ... في غيره أو وهْمِ واهمٍ حَصَل
ظنّ فأهْدى أو وَقَف فأحْجَما ... مع كونه ظاهِرُه أن سَلِما
وهي تجيءُ غالبًا في السِّندِ ... تَقْدحَ في المَتْن بقطعِ مُسْندِ

الصفحة 238