كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

يقولون لقد قُتِل وهو مسلم، فيحتمل أن يكون هو المراد، قال: وذكر لي بعض الفضلاء أنه يجوز أن يراد من قتل بمكة من المستضعفين، كأبوي عمّار، ولكن هذا يحتاج إلى ثبوت أن قتلهما كان بعد الإِسراء، يعني ليكونا قُتِلا بعد فرض الصلاة.
وقوله: فأنزل الله تعالى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]، أي: بالقِبلة المنسوخة، أو صَلاِتكم إليها. ووقع لهم نظير هذه المسألة لما نزل تحريم الخمر، كما صح من حديث البراء أيضًا، فنزل: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93]، إلى قوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة:134]. وقوله تعالى: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: 30].
والذين ماتوا قبل تحويل القبلة من المسلمين عشرة أنفس، فبمكة من قريش: عبد الله بن شِهاب، والمُطَّلب بن أزهر الزُّهْريّان، والسَّكْران ابن عَمرو العامِريّ. وبأرض الحبشة منهم: حَظَّان، بمُهملة، ابن الحارث الجُمَحيّ، وعمرو بن أُميّة الأسَدِيّ، وعبد الله بن الحارث السّهمْيّ، وعُرْوة بن عبد العُزّى، وعَديّ بن نَضْلة العَدَويّان. ومن الأنصار بالمدينة: البَراء بن مَعْرُور، بمهملات، وأسعد بن زُرارة. فهؤلاء العشرة متفق عليهم.
ومات في المدة أيضًا: إياس بن معاذ الأشْهليّ، لكنه مُختلفٌ في إسلامه. والمقتولون ثلاثة: أحدهم لم يثبت إسلامه: أبوا عمّار، وهما ياسر وسمية الصحابيان إجماعا، والثالث سُوَيد بن الصّامت. فالجميع أربعة عشر. وهذه الأربعة عشر عُرفت منها سُميّة والدة عمّار بن ياسر في الثالث عشر من "فضائل الصحابة" وعرف البراء بن معرور في تعليق بعد الحادي والأربعين من المَبْعث النبويّ، وأسعد بن زُرارة في السادس والخمسين منه، وها أنا أذكر تعريف الباقين على هذا الترتيب المذكور فوق.

الصفحة 240