كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

الحديث الرابع والثلاثون
41 - قَالَ مَالِكٌ أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلاَّ أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا».
قوله: "إذا أسلم العبد" هذا الحكم يشترك فيه الرجال والنساء، وذكره بلفظ المذكر تغليبًا.
وقوله: "فحسن إسلامه" أي: صار إسلامه حسنًا باعتقاده وإخلاصه، ودخوله فيه بالباطن، والظاهر، وأن يستحضر عند عمله قرب ربه منه، وإطلاعه عليه، كما دل عليه تفسير الإِحسان في حديث سؤال جبريل كما سيأتي.
وقوله: "يكفر الله عنه كل سيئة" هو بضم الراء، لأن إذا وإن كانت من أدوات الشرط لكنها لا تجزم إلا في الضرورة، واستعمل الجواب مضارعًا وإن كان الشرط بلفظ الماضي لكنه بمعنى المستقبل، وفي رواية البزار: "كفر الله" فواخى بينهما، واعتراض العيني على صاحب "الفتح" بأن إذا تجزم، واستشهاده ببيت الشاعر غلط، فإن جزمها مقيد بالشعر، وهذا النثر.
قوله: "كان زلفها" رويت بالتشديد والتخفيف وأزلفها بالهمزة، وكلها بمعنى واحد، أي: أسلف وقدم، كما قاله الخطابي، وقال في "المحكم": أزلف الشيء قربه، وزلفه مخففًا ومثقلًا قدمه، والزُّلفة تكون في الخير والشر، وأما القُربة فلا تكون إلا في الخير، وفي "المشارق": زلف بالتخفيف أي: جمع وكسب، وهذا يشمل الأمرين.

الصفحة 246