كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)
أن عليًا كان على الهدى في حروبه؟ قال: لاها الله إذ يزعم عليٌّ أنها فتنة، وأتقلدها له هذا. وقال أبو داود: كان عبد الرزاق يُعرِّض بمعاوية. وقال محمد بن إسماعيل الفَزَاريّ: بلغني ونحن بصنعاء أن أحمد ويحيى تركا حديث عبد الرزاق، فدخلنا غمٌّ شديد، فوافيت ابن مَعين في الموسم، فذكرت له، فقال: يا أبا صالح، لو ارتد عبد الرزاق ما تركنا حديثه.
ورُوي عن عبد الرزاق أنه قال: حججت، فمكثت ثلاثة أيام لا يجيئني أصحاب الحديث، فتعلقت بالكعبة، وقلت: يا رب، أكذابٌ أنا؟ أمدلسٌ أنا؟ فرجعت إلى البيت، فجاؤوني.
وقال العِجْلي: ثقة يتشيع. وقال العبّاس العَنْبريّ لما قدم صنعاء: لقد تجشمت إلى عبد الرزاق، وإنه لكذاب، والواقدي أصدق منه. وقال الذّهبي: هذا شيء ما وافق العباسَ عليه مسلم.
قال في "تهذيب التهذيب": وافقه على ذلك زيد بن المبارك، فقد قال: كان عبد الرزاق كذابًا يسرق الحديث، وقال: لم يخرج أحدٌ من هؤلاء الكبار من هاهنا إلا وهو مجمعٌ أن لا يحدث عنه.
ولكن هذا الكلام مردودٌ، ولأجل هذا كله قال النَّسائي في كتاب "الضعفاء" عبد الرزاق بن همّام فيه نظر لمن كتب عنه بأخرة، كتبوا عنه أحاديث مناكير. وقال الأثرمُ عن أحمد: من يسمع منه بعدما عمي فليس بشيء، وما كان في كتبه فهو صحيح، وما ليس في كتبه فإنه كان يُلَقَّن فيتلقن. قال ابن حجر في مقدمته: احتج به الشيخان في جملة من حديث من سمع منه قبل الاختلاط، وضابط ذلك من سمع منه قبل المئتين، فأما بعدهما فكان قد تغير، وفيها سمع منه أحمد بن شبُّويه فيما حكى الأثرم عن أحمد وإسحاق الدَّيْريّ، وطائفة من شيوخ أبي عَوانة والطبراني ممّن تأخر إلى قرب الثمانين ومئتين. وكان رضي الله عنه يقول: من يصحب الزمان يرى الهوان، وكان ينشد:
فَذاكَ زمانٌ لعِبنا بهِ ... وهذا زمانٌ بنا يَلْعبُ
الصفحة 256
474