كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

الحديث التاسع والثلاثون
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِى سُهَيْلِ ابْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأْسِ يُسْمَعُ دَوِىُّ صَوْتِهِ وَلاَ نفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلاَمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- "خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ". فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ "لاَ إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- "وَصِيَامُ رَمَضَانَ". قَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ قَالَ "لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ". قَالَ وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الزَّكَاةَ. قَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ "لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ". قَالَ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- "أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ".
قوله: "جاءَ رجل" هذا الرجل قيل: هو ضِمام بن ثعلبة، وقيل: غيره، ولم يسم، وضِمام يأتي تعريفه في الحديث الخامس من العلم. وقوله: "ثائر الرأس" مرفوع، صفة لرجل، أو منصوب على الحال، ولا تضر إضافته لأنها لفظية، أي: متفرق شعر الرأس من عدم الرفاهية لقرب عهده بالوفادة، فحذف المضاف الذي هو الشعر للقرينة العقلية، أو أطلق اسم الرأَس على الشعر، إما لكونه نبت منه، كما يطلق اسم السماء على المطر، وإما مبالغة بجعل الرأس كأنها المُنتفشة على حد: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [مريم: 4] ونَجْد بفتح النون وسكون الجيم ما ارتفع من تِهامة إلى أرض العراق، وهو ما بين جُرَش وسواد الكوفة، وحدُّه من الغرب الحجاز.
وقوله: "نسمعُ دويَّ صوته ولا نفقه ما يقول" بالنون في نسمع ونفقه، ونصب دوي وما الموصولة على المفعولية، وروي يسمع ويفقه بالياء

الصفحة 285