كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

الحديث الرابع عشر
21 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ، مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدًا لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَمَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ».
وقوله: "من أحب عبدًا" في الرواية السابقة في باب حلاوة الإِيمان: "أن يُحبَّ المرء".
وقوله: "كما يكره أن يُلقى في النار" في الرواية السابقة: "وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار" ومَن في المواضع الثلاثة موصولة، بخلاف التي بعد ثلاث فإنها شرطية.
ومرّ عند الحديث السابق أن هذه الحلاوة هل هي محسوسة أو معنوية، ويشهد للأول قول بلال: أحد أحد حين عُذِّب في الله إكراهًا على الكفر، فمزج مرارة العذاب بحلاوة الإِيمان، وعند موته كان أهله يقولون: واكرباه، وهو يقول: واطرباه، غدًا ألقى الأحبة محمدًا وصحبه، فمزج مرارة الموت بحلاوة اللقاء، وهي حلاوة الإِيمان، فالقلب السليم من أمراض الغفلة والهوى يذوق طعم الإِيمان، ويتنعم به، كما يذوق الفم طعم العسل وغيره من الملذوذات ويتنعم بها، وقد مرّ الكلام على هذا الحديث في باب حلاوة الإِيمان مستوفى، فلا حاجة إلى إعادته هنا.

رجاله أربعة:
الأول: سليمان بن حَرْب بن نَجِيل كأمير، أبو أيوب الأزْدِيّ الواشِحِيّ سكن مكة، وكان قاضيها.

الصفحة 30