كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)
العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية، واللام في الأحكام للاستغراق، فيكون الفقيه هو العالم بجميع الأحكام، لأن العلم فيه بمعنى الصلاحية، والتهيء لذلك بأن تكون له ملكة يقتدر بها على إدراك جزئيات الأحكام، وإطلاق العلم على هذه الملكة مشتهر.
وقوله: "وساخبركَ عن أشراطها" وفي رواية أبي فَرْوة: "ولكن لها علاماتٌ تُعْرَفُ بها" وفي رواية كَهْمس قال: "فأخبرني عن أماراتها، فأخبره بها، فترددنا هل ابتدأه بذكر الإمارات، أو السائل سأله عن الإمارات" ويجمع بينهما بأنه ابتدأ بقوله: "سأخبرك"، فقال له السائل: "فأخبرني"، ويدل على ذلك رواية سليمان التَّيمي، ولفظها: "ولكن إن شئتَ نبأتُك عن أشراطها" قال: نعم.
والأشراط جمع شرط، كقلم وأقلام، وهي العلامات، ولم يذكر المؤلف هنا إلا علامتين، وقد عبر بالجمع، وأقله على الصحيح ثلاثة، وقد أجيب عن هذا بأنه جار على أن أقل الجمع اثنان كما هو مذهب مالك، مستدلًا بقوله تعالى: {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} وليس له إلا طرفان. أو يجاب بأن المذكور من الأشراط ثلاثة، وإنما بعض الرواة اقتصر على اثنين منها، لأنه هنا ذكر الولادة والتطاول، وفي التفسير ذكر الولادة وتراؤس الحفاة.
وأخرج ابن خُزيمة والِإسماعيلي في "مستخرجه" وسليمان التيمي ذكر الثلاثة، والمراد هنا العلامات السابقة على مضايقة الساعة، لأن علامات الساعة على قسمين: ما يكون من نوع المعتاد، وهو المذكور هنا، وما يكون من غير المعتاد، كطلوع الشمس من مغربها، وهو المضايق للساعة قريب منها، وهي عشر كما أخرجه مسلم عن حُذيفة بن أسِيْد -بفتح أوله- قال: اطَّلَعَ علينا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ونحن نتذاكر، فقال: "ما تتذاكرون؟ " قالوا: نذكر الساعة. قال: "إنها لن تقوم حتى ترَوْا قبلَها عشر آيات، فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع
الصفحة 353
474