كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، فتطرد الناس إلى محشرهم" وهذا بظاهره يعارض حديث أنس المخرج عند البخاري، فإن فيه أن أول أشراط الساعة نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وفي هذا أنها آخر الأشراط، ويجمع بينهما بأن آخريتها باعتبار ما ذكر معها من الآيات، وأوليتها باعتبار أنها أول الآيات التي لا شيء بعدها من أمور الدنيا أصلًا، بل يقع بانتهائها النفخ في الصور، بخلاف ما ذكر معها، فإنه يبقى بعد كل آية منها أشياء من أمور الدنيا.
قال في "الفتح" في كتاب الرقاق: والذي يترجح من مجموع الأخبار أن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في مطلق الأرض، وينتهي ذلك بموت عيسى بن مريم، وأن طلوع الشمس من المغرب هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي، وينتهي ذلك بقيام الساعة.
وأخرج مسلم عن عبد الله بن عمرو رفعه: "أول الآيات طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى، فأيهما خرجت قبل الأخرى فالأخرى منها قريب".
قال في "الفتح": ولعل الحكمة في تقارنهما أن عند طلوع الشمس من مغربها يغلق باب التوبة كما في حديث أبي هُريرة عند البخاري وغيره مرفوعًا: "لا تقومُ الساعةُ حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك {حِيْنَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} الآية، ثم تخرج الدابة في ذلك اليوم أو قريب منه، فتميز المؤمن من الكافر، تكميلًا للمقصود من إغلاق باب التوبة".
وروى الطبراني عن عبد الله بن عَمرو رفعه: "إذا طلع الشمس من مغربها خرَّ إبليسُ ساجدًا ينادي إلهي مُرني أن أسجد لمن شئت".

الصفحة 354