كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

وقال البيضاوي: بلوغ الغاية منذر بالتراجع المؤذن بأن القيامة ستقوم كما قيل:
وعند التّناهي يقصُرُ المتطاولُ
ومن هذا المعنى الحديث الآخر: "لا تقوم الساعة حتى يكون أسعدَ الناس بالدنيا لكعُ ابن لكع" ومنه: "إذا وسِّدَ الأمر -أي أُسند- إلى غير أهله، فانتظر الساعة" وكلاهما في "الصحيح".
وقوله: "في خمس" الجار متعلق بمقدر: وهو داخل، أي: علم وقت الساعة داخل في جملة خمس، كما في قوله: {فِي تِسْعِ آيَاتٍ} أي: اذهب إلى فرعون بهذه الآية في تسع آيات، فالمحذوف: اذهب، وفي رواية عطاء الخُراساني عند أبي نُعَيم في "الحلية": "قال: فمتى الساعة؟ قال: هي في خمس لا يعلمها إلا الله".
قال القرطبي: لا مطمع لأحد في علم شيء من هذه الأمور الخمس لهذا الحديث، وقد فسر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قول الله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} بهذه الخمس، وهو في "الصحيح" قال: فمن ادعى علم شيء منها غير مسنده إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان كاذبًا في دعواه. قال: وأما ظن الغيب فقد يجوز من المنجم وغيره إذا كان عن أمر عادي، وليس ذلك بعلم.
وقد نقل ابن عبد البر الإجماع على تحريم أخذ الأجرة والجعل وإعطائها في ذلك.
وأخرج حَميد بن زَنْجويه عن بعض الصحابة أنه ذكر العلم بوقت الكسوف قبل ظهوره، فأنكر عليه، فقال: إنما الغيب خمس، وتلا هذه الآية، وما عدا ذلك غيب يعلمه قوم ويجهله قوم.
وفي "شرح المناوي الكبير": خمس لا يعلمهن إلا الله، أي: على

الصفحة 363