كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

خمس مئة حديث، كان يأتي بحديث الثوري على لفظ واحد لا يغيره، وكان لا يلقن، وكان حافظًا متقنًا. وقال أبو حاتم أيضًا: لم أر من المحدثين من يحفظ يأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره سوى قَبيصة وأبي نعيم في حديث الثوري، ويحيى الحِمّاني في حديث شَريك، وعليّ بن الجَعْد في حديثه.
وقال أحمد بن عبد الله الحداد: سمعت أبا نُعيم يقول: نظر ابن المبارك في كتبي، فقال: ما رأيت أصح منها.
وقال أحمد بن منصور الرَّمادِيّ: خرجت مع أحمد ويحيى إلى عبد الرزاق أخدمهما، فلما عدنا إلى الكوفة قال يحيى لأحمد: أريد أن أختبر أبا نُعيم. قال له أحمد: لا تزيد الرجل إلا ثقة. فقال يحيى: لابد لي، فأخذ ورقة، وكتب فيها ثلاثين حديثًا من حديث أبي نُعيم، وجعل على رأس كل عشرة منها حديثًا ليس من حديثه، ثم جاؤوا إلى أبي نُعيم، فخرج وجلس على دكان، فأخرج يحيى الطبق، فقرأ عليه عشرة أحاديث، ثم قرأ الحادي عشر، فقال أبو نعيم: ليس من حديثي اضرب عليه، ثم قرأ العشر الثاني وأبو نعيم ساكت، فقرأ الحديث الثاني، فقال: ليس من حديثي اضرب عليه، ثم قرأ العشر الثالث، وقرأ الحديث الثالث، فانقلبت عيناه، وأقبل على يحيى، فقال: أما هذا -وذراع أحمد في يده- فأورع من أن يعمل هذا، وأما هذا يريدني فأقل من أن يعمل هذا، ولكن هذا من فعلك يا فاعل، ثم أخرج رجله، فرفسه، فرمى به، وقام، ودخل داره، فقال أحمد ليحى: ألم أقل لك إنه ثبت؟ قال: والله لرفسته أحب إلى من سفرتي.
وقال حنبل بن إسحاق: سمعت أبا عبد الله يقول: شيخان كان الناس يتكلمون فيهما ويذكرونهما، وكنا نلقى من الناس في أمرهما ما الله به عليم، قاما لله بأمر لم يقم به أحد أو كبير أحد مثل ما قاما به، عفان وأبو نُعيم، يعني بالكلام فيهما، لأنهما كانا يأخذان الأجرة على التحديث،

الصفحة 388