كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

وللمصنف في آخر المغازي عن أبي جمرة قال: "قلت لابن عباس: إن لي جرة أنتبذُ فيها فأشربه حلوًا، إن أكثرت منه فجالست القوم فأطلت الجلوس خشيت أن أفتضح، فقال: قدم وفد عبد القيس ... الخ".
قال في "الفتح": ولما كان أبو جمرة من عبد القيس، وكان حديثه يشتمل على النهي عن الانتباذ في الجرار، ناسب أن يذكره له.
قلت: يأتي في تعريف أبي جمرة الاعتراض عليه في جعله أبا جمرة من عبد القيس.
ثم قال: وفي هذا دليل على أن ابن عباس لم يبلغة نسخ تحريم الانتباذ في الجرار، وهو ثابت من حديث بُرَيْدة بن الحُصَيْب عند مسلم وغيره.
قلت: يأتي إن شاء الله تعالى تحرير القول في ذلك عند انتهاء الحديث.
ثم قال: قال القُرطبي: فيه دليل على أن للمفتي أن يذكر الدليل مستغنيًا به عن التنصيص على جواب الفتيا إذا كان السائل بصيرًا بموضع الحجة.
وقوله: "فقالوا: يا رسول الله" فيه دلالة على أنهم حين المقابلة كانوا مسلمين، وكذا في قولهم: "كفار مضر"، وفي قولهم: "الله ورسوله أعلم".
وقوله: "إلاَّ في الشهر الحرام" أي: لحرمة القتال فيه عندهم، والمراد به الجنس، فيشمل الأربعة الحرم، ويؤيد هذا رواية المصنف في المغازي بلفظ: "إلا في أشهر الحرم" وروايته في المناقب بلفظ: "إلاَّ في كل شهرٍ حرام" وقيل: اللام للعهد، والمراد شهر رجب، وفي رواية البَيْهقي التصريح به.
وكانت مضر تبالغ في تعظيم شهر رجب، فلهذا أضيف إليهم في

الصفحة 402