كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

زيادة على أربعين، وأعرضت عن ذكر ما ذكره العيني، لأني لم أر في حديث زيادة الوفد على أربعين.
وقوله: "فمرنا بأمر فصل" بالصاد المهملة وبالتنوين فيهما على الوصف لا بالإضافة، والفصل بمعنى الفاصل، كالعدل بمعنى العادل، أي: بفصل بين الحق والباطل، أو بمعنى المُفَصِّل أي: المبين المكشوف، وقيل: الفصل البين، وقيل: المحكم، والأمر واحد الأوامر، أي: مرنا بعمل بواسطة افعلوا، ولهذا قال الراوي: "أمرهم" وفي رواية للمؤلف: "آمركم" وفي رواية له بصيغة افعلوا.
وأصل مرنا: أؤمرنا بهمزتين، إحداهما للوصل من أمر يأمر، فحذفت الأصلية للاستثقال، فصار أمرنا، فاستُغني عن همزة الوصل، فحذفت، فبقي مُرْ على وزن عُلْ، لأن المحذوف فاء الفعل.
وقوله: "نخبر به من وراءنا وندخل به الجنة" برفع نخبر على الصفة لأمر، وكذا قوله: "ندخل"، لأنه عطف، ويُروى بالجزم فيهما على أنه جواب الأمر، وسقطت الواو في بعض الروايات من "وندخل"، فيرفع نخبر على الصفة، ويجزم ندخل على الجواب.
وقوله: "من وراءنا" يشمل من جاؤوا من عندهم باعتبار المكان، ويشمل من يحدث لهم من الأولاد وغيرهم، وهذا باعتبار الزمان، فيحتمل إعمالها في المعنيين حقيقة ومجازًا.
وقوله: "وسألوه عن الأشربة" يحتمل عن ظروفها، ويكون الجواب الآتي من قوله: "ونهاهم عن أربع، عن الحنتم .. الخ" موافقا للسؤال، ويحتمل أن يكون المعنى سألوه عن الأشربة التي تكون في الأواني المختلفة، ويحتاج الجواب الآتي إلى تأويل كما سأذكره إن شاء الله تعالى هناك، وعلى التقدير الأول يكون المحذوف المضاف، وعلى الثاني الصفة.

الصفحة 406