كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

الرَّفضُ للطهرِ إذا ما وَقَعا ... بعدَ التمام لغوُهُ قد سُمِعا
أما إذا وَقَع في الأثناءِ ... فَشَهّروا فيه بلا امتراءِ
ضررهُ ومثلُهُ التيممُ ... كذاكَ الاعتكافُ فيما يُعلمُ
والرفضُ للصلاةِ والصيامِ ... يُبطلُ عندَ الحلة الأعلامِ
إن كانَ في الأثناءِ أما إن يكُن ... بعدَهُما ففيه خلفٌ قد زَكن
قولانِ بالصحةِ والبطلان ... قد ذكروهُما مرجّحانِ
والرفضُ للعمرةِ والحجِّ انتفى ... ضررُهُ ولو في الأثناءِ وَفَى
وقوله: "والزكاة" أي: وكذا الزكاة تجب فيها النية، وإنما سقطت بأخذ السلطان، ولو لم ينو صاحب المال، لأن السلطان قائم مقامه.
وقوله: "والحج" أي: وكذا الحج تجب فيه النية، وإنما ينصرف إلى فرض من حج عن غيره لدليل خاص، وهو حديث ابن عباس في قصة شبْرُمة، أخرجه أبو داود وابن ماجه والبيهقي، وهذا عند الشافعية، وعندنا معاشرَ المالكية أن الحج لا ينتقل لغير من وقع له.
وقوله: "والصوم" أي: وكذا الصوم، خلافًا لمذهب عطاء ومجاهد وزُفَر أن الصحيح المقيم في رمضان لا يحتاج إلى نية، لأنه لا يصح النفل في رمضان، وعند الأربعة تلزم النية، لكن تعيين الرمضانية لا يشترط عند الحنفية.
وقوله: "والأحكام" أي: وكذا الأحكام من المناكحات والمعاملات والجراحات، إذ يشترط فيه كلها القصد، فلو سبق لسانه إلى بعت أو وهبت أو نكحت أو طلقت لغى لانتفاء القصد إليه، ولا يصدق ظاهرًا إلا بقرينة، كأن دعى زوجته بعد طهرها من الحيض إلى فراشه، وأراد أن يقول: أنت طاهر، فسبق لسانه، وقال: أنت الآن طالق.
وكل صورة لم تشترط فيها النية فذاك لدليل خاص، وقد ذكر ابن المُنير ضابطًا لما تشترط فيه النية مما لا تشترط، فقال: كل عمل لا تظهر له فائدة عاجلة، بل المقصود به طلب الثواب، فالنية مشترطة فيه، وكل

الصفحة 421