كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

أخرجه البُخاري هنا، وفي الإِيمان أيضًا عن أبي هُريرة، وفي الصلاة من حديث أنس، ومسلم من حديث جابر ثم قال المؤلف.

باب
من قال أن الإِيمان هو العمل لقول الله تعالى. {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72] وقال عدة من أهل العلم في قوله تعالى {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} عن لا إله إلا الله وقال {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}.
باب مضاف حتمًا، مطابقة الآية والحديث لما ترجم له بالاستدلال بالمجموع على المجموع, لأن كل واحد منها دال بمفرده على بعض الدعوى، فقوله: {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} عام في الأعمال، وقد نقل جماعة من المفسرين أنَ قوله تعالى: {تَعْمَلُونَ} معناه تؤمنون فيكون خاصًا. وقوله: {عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 93] خاص بعمل اللسان على ما نقل المؤلف، وقوله: {فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصافات: 61] عام أيضًا. وقوله في الحديث: "إيمان بالله" في جواب: أي العمل أفضل؟ دال على أن الاعتقاد والنُّطق من جملة الأعمال، فإن قيل: الحديث يدل على أن الجهاد والحج ليسا من الإِيمان لما تقتضيه ثَمَّ من المغايرة والترتيب، فالجواب: أن المراد بالإِيمان هنا التصديق، هذه حقيقته، والإِيمان يُطْلق على الأعمال البدنية لأنها من مكملاته.
وقوله: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا} أي: صُيِّرت لكم إرثًا، فأطلق الإِرْث مجازًا على الإِعطاء لتحقق الاستحقاق، أو الموروث الكافر، وكان له نصيب منها, ولكن كفره منعه، فانتقل منه إلى المؤمن. وقال البيضَاوي: شبه جزاء العمل بالميراث، لأنه يَخْلُفُه عليه العامل، والإِشارة إلى الجنة المذكورة في قوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} [الزخرف: 70] وتلك مبتدأ خبره الجنة.
وقوله: {الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا} صفة الجنة، أو الجنة صفة للمبتدأ الذي

الصفحة 61