كتاب مصابيح السنة (اسم الجزء: 2)
المرجِ أو الروضةِ كانَ له حَسَنَاتٍ، ولو أنه انقطعَ طِيَلُها فاستَنَّتْ شَرَفًا (¬1) أو شَرَفَيْنِ كانتْ آثارُها وأرواثُها حسناتٍ له؛ ولو أنها مَرَّت بنهرٍ فَشَرِبَتْ منه ولم يُردْ أنْ يسقيَها كانَ ذلك حسناتٍ له، وأمَّا الذي هي له سِتْرٌ (¬2): فرجلٌ ربطَها تَغَنيًا وتَعَففًا ثم لم يَنْسَ حَقَّ اللَّه تعالى في رِقابِها ولا ظهورِها فهي له سترٌ، وأما الذي هي عليه وِزرٌ: فرجلٌ ربطَها فخرًا ورياءً ونِواءً (¬3) لأهلِ الإِسلام، فهي على ذلك وِزرٌ، وسُئلَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن الحُمُرِ؟ فقال: ما أنزِلَ عليَّ فيها شيءٌ إلا هذه الآيةُ الفاذَّةُ الجامعةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} (¬4) " (¬5).
1245 - وعن أبي هريرةَ رضي اللَّه عنه أنّه قال، قالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "مَن آتَاهُ اللَّه مالًا فلَم يؤدِّ زَكاتَهُ مُثلَ له مالُه يومَ القيامةِ شجاعًا أقرعَ له زبيبتانِ، يُطَوِّقُه ثم يأخذُ منه (¬6) بِلِهْزِمَتَيهِ -يعني شِدْقيه- يقول: أنا مالِكُ أنا كنزُكَ ثم تلا هذه الآية: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} (¬7) الآية" (¬8).
¬__________
(¬1) قال القاري في مرقاة المفاتيح 2/ 414: ("فاستنَّت" بتشديد النون أي: عَدَتْ ومَرَجَتْ ونشطت لمراحها. . .، "شَرفًا من الأرض" أي مرتفعًا).
(¬2) في مخطوطة برلين: (وأما الذي هي ستر له)، وهذه العبارة مقدّمة في صحيح مسلم على الذي له أجر.
(¬3) قال القاري في مرقاة المفاتيح 2/ 413 "نِواء" بكسر النون والمد، والواو بمعنى منازعة ومعاداة).
(¬4) سورة الزلزلة (99)، الآية (7 - 8).
(¬5) أخرجه مسلم بطوله في الصحيح 2/ 680 - 682 كتاب الزكاة (12)، باب إثم مانع الزكاة (6)، الحديث (24/ 987)، وأخرجه البخاري بنحوه -من ذكر الإِبل والغنم- في الصحيح 3/ 267 كتاب الزكاة (24)، باب إثم مانع الزكاة. . . (3)، الحديث (1402)، وأخرجه بمثله -من ذكر الخيل- في الصحيح 6/ 63 - 64 كتاب الجهاد (56)، باب الخيل ثلاثة. . . (48)، الحديث (2860).
(¬6) العبارة في مخطوطة برلين (ثم يأخذه بلهزمتَيْه)، وعبارة البخاري (ثمّ يأخذ بلَهْزِمَتَيْهِ).
(¬7) سورة آل عمران (3)، الآية (180).
(¬8) أخرجه البخاري في الصحيح 3/ 268 كتاب الزكاة (24)، باب إثم مانع الزكاة. . . (3)، الحديث (1403). قوله: (شِدْقَيْهِ) أي طَرَفَيْ فَمِهِ. و (زبيبتان) أي نقطتان سوداوان فوق العينين، وهو أخبث الحيّات.
الصفحة 7
568