كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)

والحَشْر: الجمْعُ والإِحضار.
وقوله تعالى: وَبِئْسَ الْمِهادُ: يعني: جهنَّم هذا ظاهر الآية، وقال مجاهدٌ:
المعنى: بِئْسَ ما مهدوا لأنفسهم «1» .
قال ع «2» : فكان المعنى: وبئس فعْلُهُم الذي أدَّاهم إِلى جهنَّم.
وقوله تعالى: قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ... الآيةُ تحتملُ أنْ يخاطب بها المؤمنون تثبيتاً لنفوسهم، وتشجيعاً لها، وأن يُخَاطَبَ بها جميعُ الكُفَّار، وأنْ يخاطب بها يهودُ المدينةِ، وبكلِّ احتمال منْها قد قال قومٌ، وقرىء شاذًّا: «تَروْنَهُمْ» بضم التاء «3» فكأن معناها أنَّ اعتقادَ التضْعيف في جَمْعِ الكفَّار إنما كان تخميناً وظَنًّا لا يقيناً، وذلك أنَّ «أرى» بضم الهمزة: تقولها فيما بَقِيَ عندك فيه نَظَرٌ، وأرى بفتح الهمزةِ: تقولها في ما قد صَحَّ نظرك فيه، ونحا هذا المنحى أبو الفَتْحِ «4» ، وهو صحيحٌ، والمراد بالفئتَيْنِ: جماعةُ المؤمنين، وجماعةُ الكفَّار ببَدْرٍ.
قال ع «5» : ولا خلاف أن الإِشارة بهاتين الفئَتَيْنِ هي إلى يوم بدر ويُؤَيِّدُ:
معناه يقوّي من «الأيد» ، وهو القوّة.
__________
- رقم (6663) ، والبيهقي في «دلائل النبوة» (3/ 173- 174) . كلهم من طريق محمد بن أبي محمد مولى زيد، عن سعيد بن جبير، أو عكرمة عن ابن عباس به.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (2/ 16) ، وزاد نسبته إلى ابن إسحاق، وفاته أن يعزوه إلى أبي داود.
(1) أخرجه الطبري في «تفسيره» (3/ 192) برقم (6668) ، وذكره الماوردي في «تفسيره» (1/ 374) ، وابن عطية في «تفسيره» (1/ 406) .
(2) ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 406) .
(3) وقرأ بها أبان عن عاصم، وأبو عبد الرحمن السلمي، كما في «المحرر الوجيز» (1/ 406) ، و «البحر المحيط» (2/ 411) . وقد نسبها ابن جني في «المحتسب» (1/ 154) إلى ابن عباس، وطلحة بن مصرف، وقال: قراءة حسنة.
(4) أبو الفتح عثمان بن يزيد بن جني، من حذاق أهل الأدب وأعلمهم بالنحو والتصريف- تلمذ على أبي علي الفارسي، من تصانيفه «الخصائص» ، «سر صناعة الإعراب» ، «المحتسب» ، «اللمع» مات سنة 392 هـ.
ينظر: «بغية الوعاة» (2/ 132) .
(5) ينظر «المحرر الوجيز» (1/ 407) .

الصفحة 15