كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)
السَّماءِ في هذا الموضع: السحابُ، وكلُّ ما أظلَّك فَهُو سماءٌ، وقوله: نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ، قيل: معناه: ممَّا ينبتُ، وقال الطبريُّ «1» : المراد ب كُلِّ شَيْءٍ: كلُّ ما ينمو مِنْ جميع الحيوان والنباتِ والمعادِنِ، وغير ذلك لأن ذلك كله يتعذى وينمو بنزولِ الماء من السماءِ، والضمير في مِنْهُ يعود على النباتِ، وفي الثاني يعود على الخضر، وخَضِراً: بمعنى: أَخْضَر ومنه قوله- عليه السلام-: «الدُّنْيَا خَضِرَةً حُلْوَةٌ» «2» ، بمعنى: خضراء وكأن خَضِراً إنما يأتي أبداً لمعنى النَّضَارة، وليس لِلَّوْن فيه مدخلٌ، وأخضر إنما تمكُّنه في اللون، وهو في النّضارة تجوّز، وحَبًّا مُتَراكِباً: يعم جميع السنابلِ وما شاكَلَها كالصَّنَوْبر، والرُّمَّان، وغيرِ ذلك.
وقوله: وَمِنَ النَّخْلِ، تقديره: ونُخْرِجُ مِنَ النخلِ والطَّلْعِ أولَ ما يخرج من النّخل، في أكمامه، وقِنْوانٌ: جمع قِنْو، وهو العِذْق- بكسر العين-، وهي الكِبَاسَةُ، والعُرْجُونُ: عوده الذي فيه ينتظمُ التمر، ودانِيَةٌ: معناه: قريبةٌ من التناول قاله ابن عباس «3» وغيره.
وقرأ الجمهور: «وجَنَّاتٍ» - بالنصب- عطفاً على قوله: «نَبَاتَ» ، وروي عن «4» عاصم: «وجَنَّاتٌ» - بالرفع- على تقدير: ولكُمْ جناتٌ أو نحو هذا، وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ- بالنصب إجماعاً- عطفاً على قوله: «حبّا» ، ومُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ، قال قتادة: معناه يتشابه في الوَرَقِ ويتبايَنُ في الثَّمَرِ «5» ، وقال الطبريُّ «6» : جائز أن يتشابه في الثَّمَر ويتبايَنُ في الطَّعْم، ويحتمل أن يريد يتشابه في الطَّعْمِ ويتباين في المنظر، وهذه الأحوال موجودة
__________
(1) ينظر: «تفسير الطبري» (5/ 287) .
(2) تقدم تخريجه.
(3) أخرجه الطبري (5/ 288) برقم (13666) ، وذكره ابن عطية (2/ 228) ، وابن كثير (2/ 159) ، والسيوطي (3/ 67) ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(4) ينظر: «حجة القراءات» (264) ، و «المحرر الوجيز» (2/ 328) ، وزاد نسبتها إلى محمد بن أبي ليلى، والأعمش.
وينظر: «البحر المحيط» (4/ 193) ، و «الدر المصون» (2/ 140) ، و «التخريجات النحوية» (ص 200) .
(5) أخرجه الطبري (5/ 289) برقم (13674) ، وذكره البغوي (2/ 118) ، وابن عطية (2/ 228) ، وابن كثير (2/ 159) ، والسيوطي (3/ 67) وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن قتادة.
(6) ينظر: «تفسير الطبري» (5/ 289) .
الصفحة 500
539