كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)

تعالى: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ [القلم: 44] قال ابن عبَّاس: كُلَّما أحْدَثُوا خطيئةً، أحدثنا لهم نعمة. اهـ.

[سورة آل عمران (3) : الآيات 55 الى 58]
إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)
وقوله تعالى: إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ... الاية: اختلف في هذا التِّوفِّي.
فقال الرَّبيع: هي وفاةُ نَوْمٍ «1» ، وقال الحَسَن وغيره: هو توفِّي قَبْضٍ وتَحْصِيلٍ، أي:
قابضك منَ الأرْضِ، ومحصِّلك في السماءِ «2» وقال ابنُ عبَّاس: هي وفاةُ مَوْتٍ «3» ، ونحوه لمالك في «العَتَبِيَّة» ، وقال وهْبُ بنُ مُنَبِّهٍ: توفَّاه اللَّه بالمَوْتِ ثلاثَ ساعاتٍ، ورفعه فيها، ثُمَّ أحياه بعد ذلك «4» ، وقال الفَرَّاء: هي وفاةُ مَوْتٍ «5» ، ولكنَّ المعنى: إني متوفِّيك في آخر أمْرِكَ عنْد نزولِكَ وقَتْلِك الدَّجَّال، ففي الكلامِ تقديمٌ وتأخير.
قال ع «6» : وأجمعتِ الأمة على ما تضمَّنه الحديثُ المتواتر «7» منْ أنَّ عيسى- عليه
__________
- عيناي مثله، وهو أول من تكلم في علم التوحيد، وقال ابن الأثير: إمام الدنيا في زمانه، له رسائل، منها: «دواء الأرواح» مخطوط، توفي في (297) هـ.
ينظر: «وفيات الأعيان» (1/ 117) ، و «حلية» (10/ 255) ، و «صفة الصفوة» (2/ 235) ، و «تاريخ بغداد» (7/ 241) ، و «طبقات السبكي» (2/ 28) ، و «طبقات الحنابلة» (89) ، «الأعلام» (2/ 141) .
(1) أخرجه الطبري في «تفسيره» (3/ 288) برقم (7129) وذكره الماوردي في «تفسيره» (1/ 397) ، والبغوي في «تفسيره» (1/ 308) ، وابن عطية (1/ 442) . [.....]
(2) أخرجه الطبري في «تفسيره» (3/ 288) برقم (7131) بنحوه، وذكره ابن عطية (1/ 444) .
(3) ذكره الماوردي في «تفسيره» (1/ 396) ، وابن عطية (1/ 444) .
(4) أخرجه الطبري في «تفسيره» (3/ 289) برقم (7138) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (1/ 308) ، وابن عطية (1/ 444) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (2/ 64) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم.
(5) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (1/ 444) .
(6) ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 444) .
(7) والحديث المتواتر هو ما رواه جمع يحيل العقل تواطؤهم على الكذب عادة من أمر حسّيّ، أو حصول الكذب منهم اتّفاقا، ويعتبر ذلك في جميع الطّبقات إن تعدّدت. -

الصفحة 51