كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)

السلام- في السَّمَاءِ حَيٌّ، وأنه يَنْزِلُ في آخِرِ الزَّمَانِ، فَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ، وَيُفِيضُ العَدْلَ، وَيُظْهِرُ هَذِهِ المِلَّةَ مِلَّةَ محمّد صلّى الله عليه وسلّم ويحجّ البَيْتَ، ويَعْتَمِرُ، ويبقى في الأَرْضِ أَرْبَعاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُمَيتُهُ اللَّهُ تعالى «1» .
__________
- وشروط التّواتر:
1- أن يكون رواته عددا كثيرا.
2- أن يحيل العقل تواطؤهم على الكذب، أو أن يحصل الكذب منهم اتّفاقا عادة.
3- أن يرووا ذلك عن مثلهم من الابتداء إلى الانتهاء في كون العقل يمنع من تواطؤهم على الكذب، أو حصوله منهم اتّفاقا عادة.
4- أن يكون مستند انتهائهم الإدراك الحسّيّ بأن يكون آخر ما يئول إليه الطريق ويتم عنده الإسناد- أمر حسيّ مدرك بإحدى الحواسّ الخمس الظاهرة من الذوق، واللّمس، والشم، والسّمع، والبصر.
ثم إنه من المتّفق عليه عند العلماء، وأرباب النّظر أنّ القرآن الكريم لا تجوز الرّواية فيه بالمعنى، بل أجمعوا على وجوب روايته لفظة لفظة، وعلى أسلوبه، وترتيبه، ولهذا كان تواتره اللفظي لا يشكّ فيه أدنى عاقل، أو صاحب حسّ، وأما سنّة رسول الله، فقد أجازوا روايتها بالمعنى لذلك لم تتّحد ألفاظها، ولا أسلوبها، ولا ترتيبها.
فإذن يكون الحديث متواترا تواترا لفظيّا، أو معنويّا، إذا تعددت الرّواية بألفاظ مترادفة، وأساليب مختلفة في التّمام والنقص، والتقديم والتّأخير في الواقعة الواحدة، حتى بلغت مبلغ التّواتر.
ومن ناحية أخرى، فإذا تعدّدت الوقائع، واتفقت على معنى واحد، دلّت عليه تارة بالتّضمّن، وتارة بالالتزام حتّى بلغ القدر المشترك في تلك الوقائع المتعددة مبلغ التّواتر فإنه حينئذ يكون متواترا تواترا معنويا، لا خلاف في ذلك.
ينظر: «البحر المحيط» للزركشي (4/ 231) ، «البرهان» لإمام الحرمين (1/ 566) ، «الإحكام في أصول الأحكام» للآمدي (2/ 14) ، «نهاية السول» للأسنوي (3/ 54) ، «منهاج العقول» للبدخشي (2/ 296) ، «غاية الوصول» للشيخ زكريا الأنصاري (95) ، «التحصيل من المحصول» للأرموي (2/ 95) ، «المنخول» للغزالي (231) ، «المستصفى» له (1/ 132) ، «حاشية البناني» (2/ 119) ، «الإبهاج» لابن السبكي (2/ 263) ، «الآيات البينات» لابن قاسم العبادي (3/ 206) .
(1) أخرجه البخاري (4/ 483) في البيوع: باب قتل الخنزير (2222) ، (5/ 144) في المظالم: باب كسر الصليب وقتل الخنزير (2476) و (6/ 566) في أحاديث الأنبياء: باب نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام (3448) ، ومسلم في الإيمان: باب نزول عيسى ابن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم (242- 155) ، (243- ... ) ، وأبو داود (2/ 520) في الملاحم: باب ذكر خروج الدجال (4324) ، والترمذي (4/ 439) في الفتن باب ما جاء في نزول عيسى ابن مريم عليه السلام (2233) ، وابن ماجة (2/ 1363) في الفتن: باب فتنة الدجال، وخروج عيسى ابن مريم ... (4078) ، وأحمد (2/ 272، 290، 394، 406، 437، 482، 538) . وعبد الرزاق (20840، 20844، 20845) ، والحميدي (2/ 468) برقم (1097، 1098) ، وأبو يعلى في «مسنده» (5877) من طرق عن أبي هريرة رفعه: «لا تقوم الساعة حتى ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد» .

الصفحة 52