كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)
[سورة الأنعام (6) : آية 158]
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (158)
وقوله سبحانه: هَلْ يَنْظُرُونَ، أي: ينتظرُونَ، يعني: العرب المتقدّم الآن ذكرهم، والْمَلائِكَةُ هنا: هم ملائكة المَوْت الذين يصحبون «1» عزرائيل المخْصُوصَ بقَبْض الأرواح، قاله مجاهد وقتادة وابنُ جْرَيْج «2» .
وقوله تعالى: أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ، قال الطبريُّ «3» : لموقف الحساب يَوْمَ القيامة، وأسند ذلك إلى قتادة وجماعةٍ من المتأوِّلين «4» ، وقال الزَّجَّاج «5» : إن المراد: «أو يأتي عذاب ربك» .
قال ع «6» : وعلى كلِّ تأويل فإنما هو بحذفِ مضافٍ، تقديره: أمر ربك، أو بَطْش رَبِّك، أو حسابُ ربك، وإلا فالإتيانُ المفهومُ من اللغة مستحيلٌ على اللَّه تعالى ألا ترى أن اللَّه عزَّ وجلَّ يقول: فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا [الحشر: 2] فهذا إتيان قد وقع، وهو على المجازِ، وحذفِ المضافِ.
قال الفَخْر «7» : والجواب المعتمَدُ عليه هنا أنَّ هذا حكايةُ مذهب الكفَّار، واعتقادِهِم، فلا يفتقر إلى تأويله، وأجمعوا على أن المراد بهذه الآيات علاماتُ القيامةِ. انتهى.
قلتُ: وما ذكره الفَخْر من أن هذا حكايةُ مذهب الكفار هي دعوى تفتقر إلى دليلٍ.
وقوله سبحانه: أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ، قال مجاهد وغيره هي إشارة إلى طلوع
__________
(1) ولا يصح تسميته ملك الموت بهذا حيث لم يرد عندنا أثر صحيح بذلك.
(2) أخرجه الطبري (5/ 404، 405) برقم (14200) عن مجاهد، وبرقم (14201، 14202) عن قتادة، و (14205) ، عن ابن جريج، وذكره ابن عطية (2/ 366) ، والسيوطي (3/ 108) وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة، ولعبد بن حميد عن مجاهد.
(3) ينظر: «تفسير الطبري» (5/ 404) .
(4) أخرجه الطبري (5/ 404، 405) برقم (14201، 14202) عن قتادة، و (14200) عن مجاهد، و (14205) عن ابن جريج، وذكره ابن عطية (2/ 366) ، والسيوطي (3/ 108) وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة.
(5) ينظر: «معاني القرآن» (2/ 307) .
(6) ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 366) . [.....]
(7) ينظر: «تفسير الرازي» (14/ 159) .
الصفحة 532
539