كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)

الإسلام، وقرأ حمزة «1» والكسائيُّ: «فارَقُوا» ، ومعناه: تركوا.
وقوله تعالى: لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ: أي: لا تشفع لهم، ولا لهم بك تعلُّق، وهذا على الإطلاق في الكفَّار، وعلى جهة المبالغة في العُصَاة.
وقوله سبحانه: إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ... الآية: وعيدٌ محضٌ، وقال السدي: هذه آية لم يؤمر فيها بقتالٍ، فهي منسوخة بالقتال «2» .
قال ع «3» : الآية خبر لا يدخله نسخٌ، ولكنها تضمَّنت بالمعنى أمراً بموادعةٍ، فيشبه أنْ يقال: إن النسخ وقع في ذلك المعنَى الذي قد تقرَّر نسخه في آيات أخرى.
وقوله سبحانه: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ... الآية: قال ابن مسعود وغيره: بِالْحَسَنَةِ هنا: «لا إله إلا الله» ، وبِالسَّيِّئَةِ: الكفر «4» .
قال ع «5» : وهذه هي الغاية من الطرفَيْنِ، وقالت فرقة: ذلك لفظٌ عامٌّ في جميع الحسناتِ والسيئاتِ، وهذا هو الظاهر، وتقديرُ الآية: مَنْ جاء بالحسنة، فله ثوابُ عَشْرِ أمثالها، وقرأ «6» يعقوبُ وغيره: «فَلَهُ عَشْرٌ» - بالتنوين- «أَمْثَالُهَا» - بالرفع-.
وقوله تعالى: قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ ...
الآية: في غاية الوضوح والبيان، وقِيَماً: نعت للدّين، ومعناه: مستقيما، ومِلَّةَ:
بدل من الدّين.
__________
(1) وحجة الباقين قوله بعد: وَكانُوا شِيَعاً أي: صاروا أحزابا وفرقا.
ينظر: «السبعة» (274) ، و «الحجة» (3/ 437، 438) ، و «إعراب القراءات» (1/ 73) ، و «معاني القراءات» (1/ 396) ، و «حجة القراءات» (278) ، و «العنوان» (93) ، و «شرح الطيبة» (4/ 288) ، و «شرح شعلة» (385) ، و «إتحاف» (2/ 39) .
(2) أخرجه الطبري (5/ 414) برقم (14272) ، وذكره ابن عطية (2/ 368) .
(3) ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 368) .
(4) أخرجه الطبري (5/ 416) برقم (14278) ، وذكره ابن عطية (2/ 368) ، وابن كثير (2/ 197) ، والسيوطي (3/ 118) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي نعيم في «الحلية» عن ابن مسعود.
(5) ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 368) .
(6) ينظر: «إتحاف فضلاء البشر» (2/ 39) ، و «المحرر الوجيز» (2/ 368) ، وزاد نسبتها إلى الحسن، وسعيد بن جبير، وعيسى بن عمر، والأعمش.
وينظر: «البحر المحيط» (4/ 261) ، و «الدر المصون» (3/ 227) ، و «شرح الطيبة» (4/ 288) .

الصفحة 534