كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 2)

وصَحَّ عن أبي بكرٍ أنَّه سَأَلَ عن سَهْمِ الجَدَّةِ حين جاءت تَسْأَلُهُ عن نصيبِها (¬1).
وصحَّ أيضاًً عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ سَأَلَ عن حُكمِ المجوسِ حين قَدِمَ أرضَهم (¬2)، وغيرُ ذلك. وهذا إجماعٌ فلا نُطَوِّلُ بذكرِهِ.
فلو كان مُجَرَّدُ التَّجَوُّزِ في الكلامِ يُحرِّمُ الحلالَ، ويُحِلُّ الحرامَ، لَوجَبَ أن يكونَ ذلك الواجبُ المُجْمَعُ على وجوبهِ حَراماً مجمعاً على تحريمهِ، لأنَّهُ يجوزُ على ذلك العالمِ المسؤولِ عن الحادثةِ، المرجوعِ إليهِ في معرفةِ المسألةِ أن يُقْتَلَ أو يَمُوتَ أو يُغَيَّبَ، فيُقَالُ في المجتهدِ الراجعِ إليهِ، المُعْتَمِدِ في البحثِ عن الحكمِ عليهِ: إنَّه قد ماتَ عِلْمُهُ، أو قُتِلَ: أو أُسِرَ اجتهادُه وكُبِّل، أو أَصَابَهُ الطاعونُ، أو اغتالَهُ الطاغُونُ.
فإن قلتَ: الجوابُ: أنَّه يُرْجَعُ إلى غيرِ ذلك المأسورِ، وهذا الجوابُ ظاهِرٌ غيرُ مستورٍ.
قلنا: وكذلك نقولُ: يُرجع إلى غيرِ ذلك الكتابِ المَغْضوبِ وهذا جوابٌ واضحٌ غَيْرُ محجوبٍ.
النظرُ الثالثُ: أيضاًً مِن قَبيلِ المعارضةِ، وذلك أنَّه قد ثَبَتَ أَنَّ العالِمَ يُسمَّى في الحقيقة العرْفِيَّة عالماً ومجتهداً في حالِ نومِهِ وغفلتهِ ونِسيانِهِ وتوقُّفهِ، بل بعْدَ موتهِ وفنائهِ، ولذلك وصفَ اللهُ الأنبياءَ -عليهمُ
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه في الجزء الأول الصفحة 294.
(¬2) انظر تخريجه في الصفحة 447 من الجزء الأول.

الصفحة 10