كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 2)

وكذلك ابنُ عباس قال: لا ربا إِلاُّ في النَّسيئة حتى بلغه النص، وكذلك ما عَرَفَ أن المُتْعَةَ منسوخةٌ (¬1).
وذكر الزمخشري (¬2) في تفسيرِ قوله تعالى: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عبس: 31] أن أبا بكر رضي الله عنه سئل عن الأب، فقال: أيُّ سماءٍ تُظِلُّني، وأيُّ أَرْضٍ تُقِلُّني إذا قلتُ في كتابِ الله ما لا أعلمُ به (¬3)؟
وعن عُمَرَ رضي الله عنه أنَّه قرأ هذه الآية فقال: كُلُّ هذا قد عَرفْنَا فما الأبُّ؟ ثُمَّ رَفضَ عصاً كانَتْ بِيَدِه، وقال: هذا لَعَمْرُ اللهِ التكلفُ، وما عليك يا ابن أُمِّ عُمَرَ أن لا تدري ما الأبُّ، ثم قال: اتَّبِعُوا ما تَبَيَّنَ لَكُم مِنْ هذا الكتَابِ، وَمَا لا فدَعُوهُ (¬4).
قال الزمخشريُّ رحمه الله: فإن قلتَ: فهذا يُشْبهُ النهيَ عن تتبعِ معاني القرآن، والبحث عن مشكلاته.
¬__________
(¬1) بحديث الربيع بن سبرة عن أبيه أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: " يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة " أخرجه مسلم في " صحيحه " (1406) في النكاح: باب نكاح المتعة. وكان ذلك عام الفتح وانظر " زاد المعاد " 5/ 111 - 112 طبع مؤسسة الرسالة.
(¬2) في " الكشاف " 4/ 220.
(¬3) أثر أبي بكر، أخرجه الطبري في تفسيره 1/ 78 من طريق حفص بن غياث، عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم، عى أبي معمر عبد الله بن سخبرة الأزدي، قال: قال أبو بكر: ....... وهذا مرسل.
(¬4) أخرجه ابن جرير في تفسيره 30/ 38 من طريق ابن بشار، حدثنا ابن أبي عدي، حدثنا حميد، عن أنس، قال: قرأ عمر بن الخطاب (عبس وتولى) فلما أتى على هذه الآية {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا}. قال: عرفنا ما الفاكهة، فما الأبُّ؟ قال: لعمرك يا ابن الخطاب إن هذا لهو التكلف. وإسناده صحيح، وأخرجه عبد بن حميد فيما ذكره ابن كثير 1/ 16 من طريق سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس .... وفي آخره: فما عليك أن لا تدريه.
وقال الحافظ ابن كثير تعليقاً على الخبرين: وهذا كله محمول على أنهما رضي الله عنهما أرادا استكشاف علم كيفية الأب، وإلا فكونه نبتاً من الأرض ظاهر لا يجهل، لقوله {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا ... }.

الصفحة 28