كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 2)

جهاراً غيرَ سِرار: " إنَّ آلَ أبي فُلانٍ لَيْسُوا بأَوْليائي إِنَّما أَوْليائي المُتَّقونَ " (¬1) فسَّروه بآل أبي العاص، منهم الحكمُ طريدُ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ممَّن فسره بذلك القاضي عِياض في شرح مسلم، وكذلك النواوي في شرح مسلم (¬2) أيضاًً، وكذلك ابنُ حجر في مقدمة شرح البخاري، وسيأتي ذلك مستوفى قريباً، ويأتي تمام لهذا في ترجمة مروان والوليد في الأوهام الآتية إن شاء اللهُ تعالى.
وكذلك ذكر الرازيُّ (¬3) عن ابن عباس أن الشجرة الملعونة في القرآن بنو أمية، وأنَّه - صلى الله عليه وسلم - رأى بني أمية يتداولون مِنْبَرَهُ، فَقَصَّ رؤياه على أبي بكر وعمر سِرّاً، فتسمَّعهم الحكمُ، فأفشى سِرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنفاه لأجل ذلك، هذا مختصر مما ذكره الرازي، وروى الترمذي ما يشهد لذلك كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (5990) في الأدب: باب تبل الرحم ببلالها، ومسلم (215) في الإيمان: باب موالاة المؤمنين ومقاطعة غيرهم والبراءة منهم.
(¬2) 3/ 88، ونصّه: قال القاضي عِياض رضيَ الله عنه: قيل: إنَّ المكنيّ عنه ها هنا الحكم بن أبي العاص. والله أعلم.
(¬3) في تفسيره 20/ 237، ونسبة هذا القول إلى ابن عباس لا تصح، فقد رواه ابن جرير في تفسيره 15/ 77 من طريق محمد بن الحسن بن زبالة، حدَّثنا عبد المهيمن بن عباس ابن سهل بن سعد حدَّثني أبي عن جدي، وهذا سند ضعيف جداً، فإنَّ محمد بن الحسن بن زبالة متروك، وشيخه ضعيف، وقد صحَّ عن ابن عباس أنها شجرة الزقوم، قال البخاري في " صحيحه " (4716) حدَّثنا علي بن عبد الله، حدَّثنا سفيان، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} قال: هي رؤيا عين أُريها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} شجرة الزقوم.
قال الحافظ في " الفتح " 8/ 399: هذا هو الصحيح، وذكره ابن أبي حاتم عن بضعة عشر نفساً من التابعين، وضعف الرواية السابقة التي تنص على أنها الحكم بن أبي العاص.

الصفحة 401