كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 2)

هريرة، لأنُّه سوء ظن مستندُه إكثارُ أبي هريرة مِن الرواية، والإكثارُ دليلُ الحفظ لا دليلُ الكذب، وقد قال أبو هريرة: وما ذنبي إن حفظتُ ونَسُوا (¬1).
وقد طوَّل الحاكم في " المستدرك " (¬2) في الردِّ على من ضعف حديث أبي هريرة، وجوَّدَ الذهبي في " النبلاء " ترجمته رضي الله عنه، وخرج الحاكم في " المستدرك "، ومسلم في " صحيحه " (¬3) دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي هريرة وأمه حين أسلمت أن يُحبِّبَهما الله تعالى إلى المؤمنين، ويحبب المؤمنين إليهما. فما على وجه الأرض مؤمن إلاَّ وهو يُحِبُّ أبا هريرة. ذكره الحاكم في معجزات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآيات نبوته، ومسلمٌ في الفضائل، فأرجو أن يكونَ حُبِّي له، وللذَّب عنه من ذلك إن شاء الله تعالى.
وقد كانت لإكثار أبي هريرة مِن الرواية أسبابٌ واضحة قد أجاب بها على من اعترضه في إكثاره.
¬__________
= بأرض القردة. وهذا إسناد صحيح. محمد بن زرعة، قال أبو زرعة في " تاريخه " 1/ 286: ثقة حافظ، من أصحاب الوليد بن مسلم، مات سنة ست عشرة ومئتين، ومروان بن محمد هو الطاطري ثقة كما في " التقريب " وباقي السند من رجال الصحيح، وذكره ابن كثير في " البداية " 8/ 106 من طريق أبي زرعة به، وقال: وهذا محمول من عمر، على أنَّه خشي من الأحاديث التي تضعها الناس على غير مواضعها، وأنهم يتكلمون على ما فيها من أحاديث الرخص، وأن الرجل إذا أكثر من الحديث، ربما وقع في أحاديثه بعض الغلط أو الخطأ، فيحملها الناس عنه أو نحو ذلك.
وفي " المحدث الفاصل " ص 554 من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن محمد قال: أظنه ابن يوسف، قال: سمعت السائب بن يزيد يحدث قال: أرسلني عثمان بن عفان إلى أبي هريرة ... فذكره بنحوه.
(¬1) انظر السير 2/ 607 - 608.
(¬2) 3/ 508 - 512.
(¬3) برقم (2491) في فضائل الصحابة: باب من فضائل أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه.

الصفحة 41