كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 2)

لا يأخُذَه إلَّا مِنْ أقتل (¬1) أهلِه علماً، وأنحرهم دِراية، وأغوصِهم على لطائفه وحقائقه، وإن احتاج إلى أن يَضْرِبَ إليه أكبادَ الإبل، فكم آخذٍ عن غيرِ متقن قد ضيَّع أيامَه، وعضَّ عند لقاء النحارير أنامله. انتهى.
وللزمخشري أيضاًً كلام، مشهور، في الاعتراف بالقصور في علم الرواية، كتبه إلى الحافظ السَّلَفي (¬2)، وقد طلب السِّلَفِي (2) منه الإِجازة، وفيه أن روايتَه حديثةُ الميلاد، ضعيفةُ الإسناد، وهو كلامٌ بليغ مشهور عن نصِّ الزمخشري رحمه الله، ولم يَشِنْهُ لِما فيه من الإنصافِ، ولولا خوفُ التطويل لذكرتُه بطوله (¬3)، وفيه أكبرُ شهادةٍ لوجوب الرجوع إلى أئمةِ الحديث في علمهم.
وقد أجمعت الأمةُ على الرجوع إلى تصانيفِ أهلِ الفنون، فنجِدُ العلماءَ يرجعونَ إلى " صحاح " الجوهري في تفسير الألفاظ اللغوية، والنحاة يرجعون إلى تصانيف أهلِ العربية، والقُرَّاء يرجعون إلى " الشاطبية " ونحوها من غير نكيرٍ في ذلك، فمن أراد قراءةَ المنطق، وقرأ في كتب الفلاسفة، لم يُتَّهَمْ بالخروج من الإِسلام، ومن (¬4) قرأ في العربية واعتمد على تواليف طاهرٍ وابنِ الحاجِب، لم يُتَّهَمْ برأي الأشاعرة.
ولهذا أيضاً فإنَّ السيدين المؤيَّد وأبا طالب عليهما السلام درساً على أبي العباس فِقه العِترة، ودرساً على المعتزلة ما يختصُّون بتجويده مِن علم
¬__________
(¬1) تحرفت في (ب) إلى: قبل، وفي (ش) من قبل أجلّ.
(¬2) لقد وهم المؤلف وهماً مبيناً، فكتب " السمعاني " في الموضعين، والصواب ما أثبت، كما في " وفيات الأعيان " 5/ 170 - 171، و" معجم الأدباء " 19/ 132 - 133، و" أزهار الرياض " 3/ 283 - 289. والسلفي: هو الإِمام العلاّمة المحدث الحافظ المفتي المعمَّر أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني الجَرواني المتوفَّى سنة 576 هـ. مترجم في " السير" 21/ 5 - 39.
(¬3) انظره في الموارد المتقدمة.
(¬4) في (ب): فمن.

الصفحة 435