كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 2)

بل روى محمدُ بنُ عبد الله بن الحسن (¬1)، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرجِ، عن أبي هريرةَ، عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حديثَ " إذا سَجَدَ أحَدكمْ، فَلا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ الجَمَلُ " (¬2) واحتج به، وذهب إلى مقتضاه، وتابعه على ذلك كثيرٌ من أهل البيت وشيعتهم، وخرَّجه عنه أهل الحديث في كتبهم، ولم يُنْكِرْ ذلك عليه أحد مِن أهل بيته مع تَقَدُّم عصره، ولا مَنْ بَعْدَه مِن أهله وشيعته، ولا اعتذروا له عن ذلك، ولا لغيرهِ مِمَّنْ روى عنه على أنَّه لا يعلم أنَّه تفرَّد بشيءٍ منكر، وصحَّ عنه، وقد ادَّعى الإجماعَ على عمل الأمة بروايته لِحديث النَّهي عن الجمعِ بينَ المرأةِ وعمَّتِها، والمرأةِ وخالتها، وأنَّ الأمَّة ما اعتمدت إلاَّ عليه مع أنَّه تخصيصٌ لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُم} [النساء: 24] وذكر الحُفَّاظُ العارفون أنه لم يَصِحَّ شيءٌ مِن الأحاديث المرويةِ في ذلك عَنْ عليٍّ عليه السَّلامُ، وابن عباسٍ وغيرِهما، ممن ذكر ذلك البيهقي، وحكاه عن الشافعي حتى اعترضُوا ما خرَّجَهْ البُخاري (¬3) في ذلك عن عاصمٍ الأحولِ، عنِ الشَّعبِيِّ، عن جابر
¬__________
(¬1) هو محمد بن عبد الله بن الحسن بن حسن بن علي الهاشمي المدني الملقب بالنفس الزكية، وثقه النسائي وغيره من رجال " التهذيب ".
(¬2) وتمامه " وليضع يديه قبل ركبتيه " أخرجه أحمد 2/ 381، وأبو داود (840) والدارمي 1/ 303، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " 1/ 254، وفي المشكل 1/ 65 - 66 والبخاري في " تاريخه " 1/ 139، والنسائي 2/ 207، والدارقطني 1/ 344 - 345، والبيهقي 2/ 99 - 100 كلهم من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، حدثنا محمد بن عبد الله بن الحسن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .... وهذا سند صحيح، وقد صححه غير واحد من الأئمة، وانظر " زاد المعاد " وتعليقنا عليه 1/ 222 - 230 نشر مؤسسة الرسالة.
(¬3) رقم (5108) في النكاح: باب لا تنكح المرأة على عمتها، حدثنا عبدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا عاصم، عن الشعبي سمع جابراً رضي الله عنه، قال: نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها. وقال داود، وابن عون عن الشعبي، عن أبي هريرة.
قال الحافظ: أما رواية داود -وهو ابن أبي هند- فوصلها أبو داود (2065) والترمذي (1126)، والدارمي 2/ 136 من طريقه، قال: حدثنا عامر هو الشعبي، أنبأنا أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " نهي أن تنكح المرأة على عمتها أو المرأة على خالتها، أو العمة على بنت =

الصفحة 54