كتاب ترتيب المدارك وتقريب المسالك (اسم الجزء: 2)

ووعظ المنصور في افتقاد أحوال الرعية فقال أليس إذا بكت ابنتك من الجوع جعلت الخادم تحت الرحى لئلا يسمعها الجيران؟ فقال مالك والله ما علم بهذا إلا الله.
فقال له فعلمت هذا ولا أعلم حال الرعية؟ قال بعضهم لما قدم الرشيد المدينة وقال آخر: بعض الخلفاء أراد أن ينقض النبي صلى الله عليه وسلم فقال لمالك ما ترى؟ فقال ما أرى.
فغضب وقال: لقد زاد فيه معاوية.
فقال مالك إن المنبر إذ ذاك كان صلباً فلست آمن إن نقضته أن تذهب البركة منه.
وفي رواية أن يتهافت فيتشاءم الناس منك، ويقولون زال على يده أثر من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال أحسن الله جزاءك.
فترك ما كان نواه.
قال وشاور المهدي مالكاً في ثلاثة أشياء في الكعبة أن ينقضها ويردها على ما كانت عليه فأشار عليه أن لا يفعل، وفي النبر أن ينفضه ويرده على ما كان عليه وذلك حين أراد أن يرد المنابر كلها صغاراً على منبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له مالك إنما هو من طرفاء وقد سمر إلى هذه العيدان يعني التي زادها معاوية، وأخشى إن نقضته أن يخرب وينكسر ولولا ذلك لرأيت أن ترده إلى حالته الأولى، وشاوره في نافع بن أبي نعيم القارىء أن يقدمه

الصفحة 105