كتاب أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض (اسم الجزء: 2)

أغرى سراة الحي بالإطراق
حسبما تأتى مستوفاة إن شاء الله تعالى. واهتدى إلى طريق الخطبة ومناهج الصوفية، بالخطيب المعظم أبي عبد الله بن مرزوق، الوافد على مولانا الجد أبي الحجاج رضي الله عنه في عام ثلاثة وخمسين وسبع مائة، وإليه جنح، وإياه قصد، عند تغربه إلى المغرب، في دولة السلطان أبي سالم، فتوجه بالعمامة التي ارتجل بين يديه فيها:
توجتني بعمامة ... توجت تاج الكرامة
فروض حمدك يزهى ... منى بسجع الحمامة
وأخذ علم الأصلين عن الحافظ الناقد أبي المنصور الزواوي، وبرع في الأدب، أثناء الانقطاع وأول الطلب لأبي عبد الله بن الخطيب، ولكن لم يحمد بينهما المآل. واقتدى في العلوم العقلية بالشريف أبي عبد الله التلمساني، قدوة الزمان؛ وحصلت له الإجازة والتحديث بقاضي الجماعة، وشيخ الجملة، أبي البكرات بن الحاج، وبالخطيب البليغ أبي عبد الله اللوشي، وبالخطيب الورع أبي عبد الله بن بيبش العبدري، رضي الله عن جميعهم. وبواجب محافظتنا على عهدهم، إذ نحن واردون بالإجازة التامة عذب وردهم، وصل سببنا بهم الكثير من شيوخنا، مثل الإمام المعظم أبي محمّد عبد الله بن جزي، ومعلمنا الثقة المجتهد أبي الله الشريشي، والقاضي الإمام أبي عبد الله محمّد بن علي علاق، وغيرهم رحمة الله عليهم. لذلك صار صدراً في نوادي طلبة الأندلس، وأفراد نجبائها؛ فما شاءه المحضر يجده في خضله، ويتلقاه من باهر فضله؛ فكاهة ومجالسة أنيقة ممتعة، ومحادثة أريضة مزهرة، وجواباً مطبقا للمفصل، وذهنا

الصفحة 15