كتاب أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض (اسم الجزء: 2)
سابقا لإيضاح المشكل؛ مع انقياد الطبع، وإرسال الدمعة، في سبيل الخشوع والرقة، ورشح الجبين عند تلقي الموعظة، وصون الوجه بجلباب الحياء، ومقابلة الناظر إليه بالاحتشام، والمبادرة للاستدعاء، على طهارة، وبذل وسع، وكرم نفس، لم يعهد أجمل مشاركة منه لإخوانه، ولا أمتع منه بجاهه، إلى مبالغة في الهشة والمبرة والإيثار بما منح، وجنوح إلى حب الصالحين، ذلك بالأنضواء إلى شيخ الفرق الصوفية، الولي أبي جعفر بن الزيات، وأخيه الفاضل الناسك شيخنا أبي مهدي، قدس الله مغناه، وسواهما من أهل الأندلس والعدوة، وحملة أشد الحمل على كل تلبس كأبي البرغوطي وسواه.
ومن تنديداته زعموا على أبي الحسن المحروق لميله عنه:
ولد الفقر والرباط ولكن ... نفسه للسلوك ذات افتقار
وخطب الأدب يافعا وكهلا، وحاز علمه إدراكاً ونبلاً.
ولمّا كانت الحادثة على مولانا الجد رحمه الله، واجتاز إلى المغرب، كما تقرر في غير هذا، كلف به، وأنس إليه، لحلاوة منطق، ورفع استيحاش، ومراوضة خلق؛ ثم كرم الله وجهه في صحبه ركابه، فعلت منزلته، ولطف محله. وقفنا على وقعة من رقاعه وهو يبدي فيها ويعي، ويقول: " خدمته سبعاً وثلاثين سنة، ثلاثة بالمغرب، وباقيها بالأندلس، وأنشدته فيها ستاً وستين قصيدة، في ستّة وستين عيداً، وكل ما في منازله السعيدة، من القصور والرياض والدشار والسبيكة، من نظم الرائق، ومدح فائق، في القباب والطاقات والطرز وغير