كتاب المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 2)

المُحصَر بعدوّ إذا حلّ هل (عليه هدي) (¬112) أم لا؟ ففيه قولان، والمشهور أن لا هدي عليه. وقد احتج من أوجب الهدي بقول الله تعالى: {(فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا) (¬113) اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (¬114) وحمله على حصر العدوّ، واستدل بقوله بعد ذلك: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} (¬115) وبقوله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} (¬116). وظاهره أن المذكور الأول ليس بمريض. واختلف الناس الموجبون للهدي على المُحْصَر بظاهر هذه الآية: هل ينحره بمكانه لأنهم نحروا بالحديبية الهدايا أم لا ينحر إلا بمكة لقوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}؟ (¬117).
واختلفوا أيضاً إذا صدّه العدوّ عن حج تطوع فحلّ: هَلْ عليه القضاء أم لا؟ فعندنا لا قضاء عليه، وعند أبي حنيفة عليه القضاء، ولو صده عن حج الفريضة فلا يسقط (¬118) عنه حجة الفريضة لأجل الصدّ، وعليه إذا حل أن يأتِيَ بها. وقال ابْنُ الماجشون من أصحاب مالك: إذا صُدَّ (¬119) بغد أن أحرم بحجة الفريضة وحَلَّ سقط عنه الفرض. وحكى الداودي في كتاب النصيحة عن أبي بكر النّعِالِي (¬120): أن الفرض يسقط عنه إذا أراد الحج وصَدَّه العدوّ وإن لم يُحرم، وأظن أنه حكاه عن رجل آخر من أصحابنا. وكان بعض أشياخنا يستبشع هذا القول.
¬__________
(¬112) خرم في (أ).
(¬113) خرم في (أ).
(¬114) (196) البقرة.
(¬115) الآية السابقة.
(¬116) الآية السابقة.
(¬117) (33) الحجّ.
(¬118) في (ب) "فلا تسقط" بالتاء، وفي (ج) "فلا نسقط" بالنون.
(¬119) في (ج) "إذا صَدَّه".
(¬120) في (ج) و (د) "الثعالبي". وما أثبتناه هو الأقرب.

الصفحة 102