كتاب المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 2)

وأما إن صده (¬121) المرض ومنعه من الوصول إلى البيت فإنه لا يحلّ عندنا إلا بوصوله إلى البيت فإذا وصل إليه وقد فاته الحج حل بعمرة وكان عليه القضاء. وقال أبو حنيفة: المرض يبيح له التحلل كالعدوّ لقوله -عليه السلام-: "من كُسِرَ أوْ عَرِجَ فقد حلّ".
وحكي عن الفراء أنه يقال: أحصره المرض والعدوّ ولا يقال: حصره إلا في العدوّ خاصة. قال الشيخ: وحكى صاحب الأفعال: أحصره المرض والعدوّ منعاه من السير، وحصَرت القوم: ضيقت عليهم، وأحصَرْتُ الرجل وحصرته (¬122) حبسته. وقال ابن بُكَيْر: الإِحصار إحصار المرض، والحَصْر حصر العدوّ. قال: ورُوِي عن ابن عباس أنه قال: لا حَصْرُ إلّا حَصْرُ العدوّ فاعلم أن الحصر يكون بالعدوّ.
وقال الشيخ: وإن حملت الآية على المرض فلا بد من إضمار: فحللتم، إذ لا يلزم الهدي بنفس المرض فإذا افتقرت (¬123) الآية إلى إضمار فليس لأبي حنيفة أن يُضْمر: فحللتم، إلا ولنا أن نضمر: ففاتكم الحج فحللتم بعمرة. وهكذا قوله عليه السلام: "من كُسِرَ أوْ عُرِجَ فَقد حلّ" معناه (¬124) عندنا على أنه يحلّ بوصوله إلى البيت واعتماره، إذ ظاهره أن يحل بنفس الكسر والعرج. وهذا لا يصح ولا بد من حمله (¬125) على تأويل: يصح. وللشافعية القائلين بأن الاشتراط في الحج يصح على ما تقدم بيانه أن يحملوا الحديث على أنَّه اشترط الإِحلال بالكسر والعرج.
¬__________
(¬121) في (ج) "إذا صده".
(¬122) في (ب) و (ج) و (د) "وحصرت الرجل وأحصرته".
(¬123) في (ب) و (ج) "إذا افتقرت".
(¬124) في (ب) و (د) "مَحْمَلُه".
(¬125) في (ج) "من جملة".

الصفحة 103