كتاب المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 2)

556 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ ألْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ". ثمَّ قال: "إلاّ الْمَسْجِدَ الحَرَامَ" (ص 1012).
(قال الشيخ: اختلف الناس في المراد بهذا الاستثناء فعندنا أن المراد إلا المسجد فإن مسجدي يفضله بدون الألْف) (¬193).
وهذا بناء على أن المدينة أفضل من مكة وهو مذهب مالك. ويحتج له بما قدمه مسلم قبل هذا من الأحاديث المرغبة في سكناها الدالة على فضلها. وقيل: إلا المسجد الحرام، فإنَّه أفضل من مسجدي. وهذا على أن مكة أفضل من المدينة ما سِوَى قبره عليه السلام.
557 - ذكر في حديث: "أن امرأة اشتكت فنذرت: أن تصلي في مسجد بيت المقدس إن شفيت. فقالت لها ميمونة، يعني زوجة النبيء - صلى الله عليه وسلم -: اجْلِسِي وصلي في مسجد الرسول" الحديث (ص 1014).
558 - وفي حديث آخر: "لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إلاَّ إلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِد الحَرَام، وَالْمَسْجِد الأقصَى" (ص 1014).
قال الشيخ -وفقه الله-: إنما خص عليه السلام هذه المساجد لفضلها على ما سواها. فمن قال: لله علي صلاة في أحدها وهو في بلد غير بلادها فعليه إتيانُها. وإن قال: ماشيًا، فلا يلزمه المشي إلا في حرم مكة خاصة. وأما المسجدان الآخران، فالمشهور عندنا: أنه لا يلزم المشي إليهما ويأتيهما راكبًا إن شاء، وقال ابن وهب: بل يأتيهما ماشيًا كما سمى. وهنا أقْيَسُ على أصل المذهب لاتفاقهم على أن من قال: عَلَيَّ المشي إلى مكة، فعليه أن يمشي إليها، ذلك على أن المشي طاعة. وقد نبه النبيء - صلى الله عليه وسلم - على ذلك بقوله: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا" فذكر كنرة الخطى إلى المساجد. وقيل أيضًا: إن كان على أميال يسيرة أتى
¬__________
(¬193) ما بين القوسين ساقط من (ب).

الصفحة 123