كتاب المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 2)

قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في وطء النساء في أدبارهن هل ذلك حرام أم لا؟ وقد تعلق من قال بالتحليل بظاهر هذه الآية، وانفصل عنها من يحرّم بأن المراد بها ما نَزَلَتْ عليه من السبب والرد على اليهود فيما قالت، والعموم إذا خرج على سبب قصر عليه عند بعض أهل الأصول، ومن قال بتعديه وحمله على مقتضى اللفظ من التعميم كانت الآية حجة له في نفي التَّحريم، لكن وردت أحاديث كثيرة بالمنع منه فيكون ذلك تخصيصًا لعموم الآية بأخبار الآحاد، وفي ذلك خلاف بين الأُصوليين.
وقال بعض الناس منتصرًا للتحريم: أجمعت الأُمة على تحريم المرأة قبل عقد النكاح، واختلفت بعد العقد هل حلّ هذا العضو أم لا؟ فيستصحب الإِجماع على التحريم حتى ينقل عنه ناقل. وعكسه الآخرون وزعموا أن النكاح في الشرع يبيح المنكوحة على الإِطلاق، فنحن مستصحبون لهذا حتى يأتي دليل يدل على استثناء بعض الأعضاءِ.
قوله: "مجبية" يعني على وجهها. قال أبو عبيد في حديث عبد الله (¬80) وذكر القيامة فقال (¬81): "ويَجبُّون تَجْبِيَةَ رجل واحد قياما لرب العالمين" التجبية تكون في حالين: أحدهما: أن يضع يده على ركبتيه (¬82) وهو قائم، والوجه الآخر أن ينكَبَّ على وجهه باركًا قال: وهذا الوجه هو المعروف عند الناس وقد حمله بعضهم على أنهم يَخِرُّون سجودًا، فجعل السجود هو التجبية.
وقوله: "في صِمَام واحد" يعني في جحر وَاحِدِ.
¬__________
(¬80) "عبد الله" ممحوة من (أ).
(¬81) في (ب) "فقال" محذوفة.
(¬82) في (أ) "ركبته".

الصفحة 156