كتاب المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 2)

وهو الارتفاع. وقرىء في السبع: {إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} (¬12) بالراء وبالزاي. وهذا يقوي عند داود نفي الحرمة بالمصة والمصتين إذ لا يفتقان المِعَى ولا ينشزان العظم. وهذا لم يسلمه له أصحابنا وزعموا أن لِلْمصّة الواحدة قسطا في فتق الإِمعاء ونشر العظم.
وعند الشافعي: لا تقع الحرمة بأقل من خمس رضعات. وحجته في ذلك ما رواه مسلم بعد هذا عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: كان فِيما أنزل من القرآن (¬13) "عشر رضعات معلومات يحرمن" ثم نسخن بـ"خمس معلومات" فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي فيما يقرأ من القرآن. وقد شَذَّ بعض الناس أيضًا ورأى التحريم (¬14) لا يكون إلا بالعشر. وهذا الحديث لا حجة فيه لأنه محال على أنه قرآن. وقد ثبت أنه ليس من القرآن الثابت. ولا تحل القراءة به ولا إثباته في المصحف إذ القرآن لا يثبت يأخبار الآحاد. وهذا خبر الواحد فيسقط التعلق به.
فإن قيل: ها هنا (وجهان: أحدهما) (¬15): إثباته قرآنا، والثاني: إثبات العمل به في عدد الرضعات، فإذا امتنع إثباته قرآنا بقي الآخر وهو العمل به لا مانع يمنع منه لأن خبر الواحد يدخل في العمليات، وهذا منها.
قلنا: هذا قد أنكره حذاق أهل الأصول وإن كان قد مال إليه بعضهم. واحتج المنكرون له بأن خبر الواحد إذا توجهت عليه القوادح واستريب توقف عنه، هذا جاء آحادا بما جرت العادة أنه لا يجيء إلا تواترا فلم يوثق به كما وثق بأخبار الآحاد في غير هذا الموضع وإن زعموا أنه كان قرآنا ثم نسخ ولهذا لم يشتغل به أهل التواتر.
¬__________
(¬12) (259) البقرة.
(¬13) في (ب) "أنزل الله من القرآن".
(¬14) في (ج) و (د) "أن التحريم".
(¬15) ما بين القوسين ساقط من (ب).

الصفحة 164