كتاب المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 2)

إذا عُلِم أن تلك الصدقة التي استأذنت فيها زكاة، وهو لَعمري الأظهر في لفظ الحديث لأنها سألت:"هل تجزي؟ ". وهذا اللفظ إنما يستعمل في الواجب غالباً.
386 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث:"أنَّ رَجُلاً أتَى النَّبِيءَ - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا"، وفيه: "أفَلَهَا أجْرٌ إنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ" (ص 696).
قال أبو عبيد: معناه ماتت فجأة فلتة (¬30) وكل أمر فعل على غير مكث فقد افتلت. ويقال: افتلت الكلام واقترحه إذا ارتجله.
قال الشيخ: وأمَّا قوله في الصدقة عنها، فإن الاتفاق على أن الصدقة بالمال عن الميّت نافعة. واختلف في عمل الأبدان فمن قاسه على المال جعله نافعاً، ومن أخذ بقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (¬31) جعله غير نافع، وإن عورض بعض من يقول: إن عمل الأبدان لا ينفع بالحج عن الغير. قال: هي عبادة غلب المال فيها على عمل البدن فردّت إلى حكم الصدقة بالمال عن الغير على الجملة. ويحتج مَنْ قال: إن عمل البدن نافع بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن مَاتَ وعليه صيام (¬32) صَامَ عنه وليُّه" فيصير الخلاف مبنياً على معارضة الحديث لظاهر الآية، فمن قدّم الحديث جعل ذلك نافعاً ومن قدّم الظاهر لم يجعله نافعاً.
387 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فِي بُضْع أحَدِكُمْ صَدَقَةٌ. قَالُوا: يَا رَسُولَ الله أيأْتِيِ أحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُون لَهُ فِيهَا أجْرٌ؟ قَالَ: أرأيْتُمْ لَوْ وَضَعَها فِي حَرَامٍ أكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْزٌ؟ فَكَذَلِكَ إذَا وَضَعَهَا فِي الحَلاَلِ كَانَ لَهُ أجْرٌ" (ص 697).
¬__________
(¬30) "فلتة" ساقطة من (أ) وضبطت "فلتة" في (د) بضم الفاء.
(¬31) (39) النجم.
(¬32) في (ب) و (ج) و (د) "صَوْم".

الصفحة 22