كتاب المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 2)

قال الشيخ -وفقه الله-: البُضْع: الجماع، والبُضع في غير هذا: الفَرْجُ. وقال الأصمعي: مَلَكَ فُلاَنٌ بضع فلانة إذا ملك عُقدة نكاحها، وهو كناية عن موضع الغِشْيَانِ والمباضعة المباشرة والاسم البضع.
قال الشيخ -وفقه الله-: لا يقال: إن قولهم: "أيَأتِي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ " إنما بَعُدَ عندهم عَلَى طَرِيقَة المعتزلة في التقبيح والتحسين من جهة العُقُولِ، وأنَّهُ لاَ يؤجر إلا على فعله. بل يحتمل أن يكون إنما بَعُدَ عندهم على ما عهدوه من حكم الشريعة وتقرر عندهم أن الأجور تكون بقدر المشاق، وهذا مما تدعو إليه الطباع وتستلذه. ووجه مراجعتهم له - صلى الله عليه وسلم - لا إنكارًا مِنْهم للوحي ولكنه يحتمل أن يكون أرادوا أن يُبَيّنَ لهم (¬33) موضع الحجة، فبين لهم وقاس القياس المتقدم، وهذا القياس الذي قرر ضربٌ من قياس العكس، وفي العمل به خلاف بين أهل الأصول. وهذا الحديث تقوية لأحد القولين.
قال الشيخ: ذهب الكَعْبِي إلَى أن ليس في الشريعة مُبَاحٌ. قال لأن كل فعل يفعله العبد من مشي وأكل وشبهه ينقطع به عن معصية (¬34) فقد صار مأجوراً فيه من جهة كونه قاطعاً له عَنِ المعصية. وأقل ما نُبْطل (¬35) عليه به هذا المذهب أن نقول: ينبغي أن يكون الإِنسان مأْجُورًا في الزنا إذا تشاغَلَ به عن معصية أخْرى.
فإن قال قائل: هل في هذا الحديث المتقدم إشارة يتعلق بها الكعبيّ لأنه جعله مأجورًا في وضع نطفته في الحلال لَمَّا صده ذلك عن وضعها
¬__________
(¬33) في (د) "له" وهو خطأ.
(¬34) في (أ) "عن معصيته".
(¬35) في (ب) و (ج) و (د) "يُبطل" بالياء.

الصفحة 23