كتاب المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 2)

قال الشيخ -وفقه الله-: هذا من أدل الشواهد على سعة فقه الصحابة رضي الله عنهم وتحريرهم الألفاظ. وفي تنبيه الخدري على التفريق بين (في) و (من) إشارة حسنة إلى القول بتكفير الخوارج لأنه أفهم بأنه لما لم يقل: (منها) دَلَّ على أنهم ليسوا من أمته - صلى الله عليه وسلم -. وهذا وإن لم يكن مما يعتمد عليه فإنه قد أحسن ما شاء في تنبيهه على هذا اللفظ وإن كان قد روى أبو ذر بعد هذا فقال: "قال - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ بَعْدِي مِنْ أمَّتِى، أَو سَيَكُون بَعْدِي مِنْ أمَّتِي" الحديث (ص 750).
412 - وفي رواية علي رضي الله عنه: "يَخْرُجُ مِن أمَّتِي" (ص 748).
وقد (¬68) وقع في هذا الحديث العبارة عنهم باللفظ الذي تجنبه أبو سعيد. وفي حديث الخوارج من إخباره عليه السلام عن الغيوب ما يعظم موقعه منها إشارته - صلى الله عليه وسلم - إلى ما يكون بعده من اختلاف الأيمة في تكفيرهم والتماري في ذلك بقوله (¬69) - صلى الله عليه وسلم -: "وتتمارى في الفُوق". وقد كادت هذه المسألة تكون أضد إشكالاً (عند المتكلمين) (¬70) من سائر المسائل.
ولقد رأيت أبا المعالي وقد رغّب إليه الفقيه أبو محمد عبد الحق رحمهما الله في الكلام عليها فَهَربَ له من ذلك واعتذر له بأن الغلط فيها يصعب موقعه لأن إدخال كافر في الملة أو إخراج مسلم عنها عظيم في الدين.
وكذلك اضطرب فيها قول القاضي ابن الطيب، وناهيك به في علم الأصول. وأشار أيضاً القاضي -رحمه الله- إلى أنها عن المُعْوِصَاتِ لأن القوم لم يصرحوا بنفس الكفر وإنما قالوا أقوالاً تؤدي إليه.
¬__________
(¬68) في (ب) و (ج) و (د) "فقد وقع".
(¬69) في (ج) "قوله" وفي (ب) "لقوله".
(¬70) "عند المتكلمين" ساقط من (أ).

الصفحة 36