كتاب المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 2)

قال الشيخ: وبهذه الروايات يحتج من يقول من الناس: إن المُحْرِم لا يأكل لحم الصيد (¬27) وإن لم يُصَد من أجله. ويذكر ذلك عن علي وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، وتلا (¬28) عليّ: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (¬29)، وحمل الصيد على المصيد.
والحجة على هؤلاء حديث أبي قتادة المذكور بعد هذا. وفيه: "أنه - صلى الله عليه وسلم - أكل لحم الصيد وأباحه لغيره من المحرمين". ويمكن بناء حديث أبي قتادة مع حديث زيد على مذهب مالكَ فيقال: امتنع من الأكل في حديث زيد لأنه صِيد من أجله ولم يمتنع في حديث أبي قتادة لأنه لم يُصَد من أجله، لكن قد يقدح في هذا البناء أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما علّل امتناع أكله بأنه حُرُم، ولم يقل: إنه صِيدَ من أجْلي.
وفي حديث أبي قتادة أنهم قالوا له: لا نعينك عليه وسألهم - صلى الله عليه وسلم -: "هَلْ أعَانُوهُ". وفي إطلاق المعونة حجة على أبي حنيفة الذي يرى أن المعونة لا تؤثر إلا أن يكون الصيد لا يصح صيده دونها. وهذا الحديث هاهنا إنما ذكر فيه معونة مطلقة ولم يشترط. وذكر فيه أن بعضهم أكَلَ من الصيد وبعضهم لم يأكل وأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يلُم أحدًا منهم على ما فعل. وهذا دليل على أن الاجتهاد في مسائل الفروع يَسُوغُ.
469 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خَمْسٌ مِن الدَّوَابِّ كُلُّهَا فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ" (¬30) الحديث (ص 856).
قال الشيخ: مالكٌ والشافعي يريان أن التحريم متعلق بمعاني هذه الخمس
¬__________
(¬27) في (ب) و (ج) "لحم صَيدٍ".
(¬28) ما أثبتناه هو ما جاء في (د)، وفي بقية النسخ "تلى" بالألف المقصورة.
(¬29) (96) المائدة.
(¬30) في (ج) و (د) "في الحل والحرم". وقوله "الحديث" ساقط كذلك منهما.

الصفحة 76