كتاب المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 2)

لا نُرى إلا الحج" فيحتمل أن يكون قولها: "لاَ نُرَى" (ص 872) أن ذلك كان اعتقادها من قبل أن تُهل ثم أهلت بالعمرة. ويحتمل أن تريد بقولها "لاَ نُرَى" حكايةً عن فعل جلّ الصحابة ولم ترد نفسها.
واختلف الناس: ما الأفضل هل الإِفراد أم القِرَان أم التمتع؟ فقال مالك وغيره: الإِفراد، وقال أبو حنيفة: القِران. وقال الشافعي وأهل الظاهر: التَّمتع. وسننبه على ما احتجّ به هؤلاء لما اختاروه فيما بعد.
واختلفت (¬38) الرواة أيضاً فِيما فعله النبيءُ - صلى الله عليه وسلم -: هل كان إفرادًا أم قرانا أم تمتعا؟
وقد اعترض بعض المُلحدة على هذا الاختلاف وقالوا: هي فعلة واحدة فكيف اختلفوا فيها هذا الاختلاف (¬39) المتضاد؟ وهذا يؤدي إلى الخلف في خبرهم وقلة الثقة بنقلهم. وعن هذا الذي قالوه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن الكذب إنما يدخل فيما طريقه النقل ولم يقولوا: إنه - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: إني فعلت كذا، بل إنما استدلوا على معتقده بما ظهر من أفعاله -عليه السلام- وهو موضع تأويل، والتأويل يقع فيه الغلط، فإنما وقع لهم فيما طريقه الاستدلال لا النقل.
والجواب الثاني: أنه يصح أن يكون - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا أمر بعض أصحابه بالإِفراد وبعضَهم بالقِران وبعضَهم بالتمتع أضاف النقلة إليه - صلى الله عليه وسلم - ذلك فعلا وإن كان إنما وقع ذلك منه -عليه السلام- قولاً فقالوا: فعل - صلى الله عليه وسلم - كذا، كما يقال: رجم النبيء - صلى الله عليه وسلم - ماعزًا، وقتل السلطان اللّصّ أي أمَرَ - صلى الله عليه وسلم - برجمه وأمر السلطانُ بقتله.
¬__________
(¬38) في (ب) و (ج) "واختلف".
(¬39) في (ب) "الاختلاف" ساقطة وفي (د) عوض "الاختلاف" "الخلاف"، وكذا فيما سبق.

الصفحة 79