كتاب المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 2)

وقد اختلفوا في الحلاق، فمذهبنا: أنه عند التحلل نسك مشروع لأجل ظاهر هذا الحديث ولقول الله سبحانه: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ} (¬97)، ووصْفهم بذلك يقتضي كونه مشروعًا. وقال الشافعي: ليس بنسك وهو مباح كاللباس والطيب لأنه ورد بعد الحظر (¬98) فحمل على الإِباحة، ولأنه لو حلق في حال الحج لافتدى كما إذا لبس وتطيّب، ولو كان من النسك لم يلزمه فدية كما لو رَمى الجمار قبل وقتها فإن أقصى ما عليه أن يعيدها ولا يلزمه دَمٌ.
وما ذكرناه من الظاهر يرد قوله هذا، وقد استقر في الشرع تحريم السلام في أثناء الصلاة المفروضة وأمر به في آخرها ولم يكن ذلك على الإِباحة بل حُمِل على الوجوب.
واختلف الناس أيضًا في القدر الذي تتعلق (¬99) به الفدية إذا حلق والمشروع منه عند التحلل. فعند الشافعي أقله ثلاث شعرات، وعند أبي حنيفة ربع الرأس، وعند أبي يوسف نصفه، وعند مالك كله في التحلل. وتتعلق الفدية عنده بما يماط به الأذى.
508 - قوله: "لَمْ أشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أنْ أرْمِي قَال (¬100): ارْم وَلاَ حَرَج. وقَالَ آخَرُ: لَمْ أشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أنحَرَ. قَالَ: انْحَرْ وَلاَ حَرَجَ". وَفِي بَعْضِ طُرقِهِ: "حَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أرْمِيَ. قَالَ: ارْم وَلاَ حَرَجَ" إلَى قولِهِ: "افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ" (ص 948).
¬__________
(¬97) (27) الفتح.
(¬98) في (أ) "بعض" وفي (ب) "لأنه ورد فيه الحضر".
(¬99) في (أ) "يتعلق".
(¬100) في (ب) "فقال".

الصفحة 98