كتاب نشر البنود على مراقي السعود (اسم الجزء: 2)

أو اعتقاد لأن الباطل قبيح شرعا وأن صدر من غير المكلف ولا يجوز تمكين غير المكلف منه وإن لم يأثم به ولأنه يوهم من جهل حكم ذلك الفعل بل لا يبعد أن المكروه وخلاف الأولى كذلك قاله في الآيات البينات وإنما كان صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل كغيره من الأنبياء لوجوب تغيير المنكر عليهم مطلقا ويسقط عن غيرهم إذا خاف على نفسه، وإذا كان الأمر كذلك فإذا فعل أحد فعلا وعلم به النبي صلى الله عليه وسلم برؤية أو غيرها علم منه جواز ذلك الفعل في حق الفاعل وغيره لأن الأصل استواء الناس في الأحكام حتى تثبت الخصوصية هذا مذهب الجمهور وقال القاضي في حق الفاعل فقط إذ لا صيغة للسكوت حتى يعم وقالت المعتزلة إلا في حق من يغريه الإنكار ورد بأنه يجب الإنكار عليه ليزول توهم الإباحة وقال إمام الحرمين من الشافعية إلا في حق الكافر ولو منافقا بناء على عدم تكليفهم بالفروع وسكت عما إذا كان اعتقادا وقيل إلا في حق الكافر غير المنافق لأنه عليه الصلاة والسلام كان ينكر على المنافقين والجواز المدلول عليه بالسكوت يحتمل الإباحة والندب والوجوب وحمله بعضهم على الإباحة فقط:
وربما يفعل للمكروه ... مبينا أنه للتنزيه
فصار في جانبه من القرب ... كالنهي أن يشرب من فم القرب
يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يفعل المكروه المنهي عنه مبينا بذلك الفعل أن المنهي للتنزيه لا للتحريم فصار ذلك الفعل في حقه قربة يثاب عليها لما فيه من البيان وذلك كنهيه عن الشرب من أفواه القرب بكسر القاف وقد شرب منها:

الصفحة 13